يوميات السوريين في الحظر المنزلي بين المطبخ والشاشة الزرقاء

يوميات السوريين في الحظر المنزلي بين المطبخ والشاشة الزرقاء

المشهد - ريم غانم 

على ما يبدو استطاع الحظر الجزئي أن يلزم السوريين على البقاء في منازلهم ضمن الإجراءات التي توجهت لها الحكومة السورية لمنع انتشار فيروس كورونا المميت لكنه لم يمنع قلة قليلة من المستهترين من خرقه والخروج تحت مسمى " لن يصيبهم سوى قدرهم" وكأن الإيمان قد يمنع وصول العدوى لهم، وتحت مسمى القدر قد يجلب هؤلاء الخطر لذويهم .

ومع مرور يومين على الحظر كيف قضى معظم السوريين أوقاتهم مع شعورهم أنهم مجبرون على المكوث في منازلهم. في استطلاع للرأي لعدد من الناس كانت هذه يومياتهم :

عليا محمد ربة منزل وأم لأربعة أولاد زوجها متوفي وهي تعمل في وظيفة فرض عليها أن تناوب مرتين في الإسبوع فتوجهت الى شراء ألعاب خاصة تحفيزية للدماغ لأطفالها لتمضية الوقت وأصبحت تصنع لهم الحلويات في المنزل كي لاتشتري لهم شيئاً، وعليه توجهت لصفحات التواصل الاجتماعي لتعلم وصفات جديدة غير مكلفة ومن موجودات بيتها، ونظمت الدور بين أطفالها للعب على جهاز الايباد الوحيد الذي تملكه، لكنها لم تستطع منعهم من الشجار فهي تقضي معظم وقتها بحل خلافاتهم، وتقول " معليش حرام نحنا الكبار نشعر بالحبس فكيف هم".

فادي شاب في الثلاثين من عمره أكد أن فرض الحظر خطوة جيدة جدا لكن نأمل أن لا تكون متأخرة ، فبعد إغلاق مكان عملي في أحد المطاعم الذي كنت احصل على رزقي من بقشيش الاراكيل توقف كليا وأصبح الوضع سيء جدا ، وعليه جاء الحظر ضدي، فكيف سنستطيع أنا وعائلتي أن نكمل فترة الحظر فوالدي مريض لا يعمل ولديه راتب تقاعدي لا يسد حاجة ، بالإضافة أن المونة على وشك الانتهاء، وقد سمعنا عن كثير من المبادرات الخيرية لكن لم يصل لنا شيء منها، والوضع لاحقا سيكون في يد الله.

ربا محمد شابة في الـ 25 من عمرها اعتادت على الذهاب إلى الأسواق والمطاعم تشعر اليوم أنها في حبس وان طال الحال سوف تحتاج الى طبيب نفسي فلم يعد لديها شيء تفعله سوى مراقبة أخبار العالم وسورية من خلف الشاشة الزرقاء التي اصابتها على حد قولها بالتوحد والخوف والقلق من انتشار الفيروس بيننا، وعليه تقضي يومها بالتنقل بين الصفحات واخبار صديقاتها عن اخر المستجدات وتحليل الوضع الراهن وفي أفضل الأحوال قد تقوم بتطبيق بعض وصفات العناية بالبشرة .

مها ربة منزل لديها طفلين وبعد أن اضطر زوجها أن يبقى في المنزل تغيرت حياتها وتخشى أن تصل للطلاق فهي لم تعتاد على جلوسه الطويل في المنزل بالتالي كشفت لها تلك الفترة الكثير من عيوب بعضهم فأصبح الجلوس معا كساحة حرب لا تعلم من سيفوز ومتى ستنتهي ، فمن الساعة 6 مساء حتى 6 صباحا أصبحت فترة صراع و" نق" ومتطلبات من زوجها لا تنتهي وكأنه لا يكفيها أطفالها ومايفعلوه في المنزل من خراب، وعليه لم تعد تملك سوى ساعات قليلة لها تشاهد فيها فيلما أو تتابع صفحات التواصل. 

سيدرا محمد شابة مخطوبة وكانت على وشك الزواج لكن تبدلت حياتها وخططها وتم تأجيل كل شيء حتى تستقر الأوضاع ، وإصبح كل وقتها وحياتها على شاشة الموبايل منذ استيقاظها حتى نومها خاصة أنها أصيبت بالقلق ولم تعد تستطيع النوم في الليل ، وتقضي معظم وقتها بالحديث عبر الكاميرا مع خطيبها وأختها التي تعيش خارج البلد، ولم تجد أي فرق بحظر التجول فهي لم تكن تخرج كثيرا من منزلها.

أما حسن الذي كان يعمل في أحد المؤسسات الحكومية ويذهب للنادي الرياضي وجد نفسه محبوسا فتوجه لإيجاد بدائل وقام بتنزيل برامج رياضية يمارسها في المنزل كي لاتذهب جهوده السابقة، واعترف بأنه كسر الحظر ونزل للشارع قليلا مع بعض من أصدقائه في الحي في زاوية دون أن تراهم الجهات المختصة. 

أبو عبد الله بائع فول جوال كان من أكثر المتضررين فهو لا يملك سوى هذا العمل ونتيجة القرارات السابقة خسر مايستطيع سد الرمق به واضطر مرغما إن يتوجه للجمعيات الخيرية، أما عن فرض حظر التجول فلم يغير عليه كثيرا فهو يعود لمنزله في الـ 6 مساء وليس من أصحاب الأموال كي يخرج ويرفه عن عائلته فهو حتى لايملك خط انترنت في منزله وعليه كل مايقوم به خلال تلك الفترة هو مشاهدة التلفاز لبعض الوقت وتناول الطعام والنوم، والحلم بانتهاء الوضع والعودة لحياتهم الطبيعية.

هي بداية مرحلة قد يكون مابعدها أصعب أو نعود لسابق عهدنا ، لكن مجرد مرور يومين واحتار الناس في قضاء يومهم فحياة السوريين قبل الحظر لم تكن طبيعية وبدون أي وسيلة ترفيه نتيجة ظروف الحرب، عدا الميسورة أحوالهم، فيما جاءت تلك القرارات لتزيد الطين بلة وتسلبهم حتى " الهواء" الذي بقي لهم حسب كثيرين.

ومع كل الجهود التي تحاولها الحكومة لمواكبة قرارتها وتطبيق الحظر الا أنه كما يقال " خيار وفقوس" لا تزال الفوضى والفساد هما سيد الموقف ومن يتحكمان بمصير كل شي، وفي حال انتشر الفيروس يأمل السوريون أن لا يكون العلاج حاله حال كل الإجراءات الأخرى والا ستحل الكارثة ولن ينفع معها حتى " الخيار والفقوس" أو حتى " الواسطة".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني