كلمة للفن النبيل .....المسرح

كلمة للفن النبيل .....المسرح

المشهد- فن
كتب الفنان أيمن زيدان بمناسبة يوم المسرح العالمي اعيد نشر ماكتبته يوماً 
شكّل المسرح مع تقادم تجربته الزمنية واحداً من أهم أشكال التداول المعرفي الإنساني ضمن صيغ فرجوية أثارت الكثير من حالات الدهشة البصرية وتحول في كثير من الأحيان إلى برلمان شعبي يناقش هموم الناس وأوجاعهم ويرسم عبر عوالمه المفترضة أحلامهم وتطلعاتهم.
كانت وسائله وعناصره (نص ـ ممثلون ـ ديكور ـ أزياء ـ ألوان ـ إضاءة.. الخ) تسعى غالباً نحو التكامل لتحقق غاياته النبيلة من أجل حياة إنسانية أكثر عدالة.
ومر المسرح كما حال الفرسان الشرفاء بكثير من ا لتحديات فاضطهدته الأنظمة القمعية وطاردته محاكم التفتيش وحاربت الكنيسة أشكاله التنويرية حتى استحكم العداء بين المسرح والسلطة باعتباره (أي المسرح) داعية تغيير أزلية.
هذه العلاقة الشائكة تمظهرت بتجليات مختلفة ووصلت حدود الصراع بين مسرحين أساسيين: مسرح أصر على التعارض مع القائم، ومسرح تماهى مع الخطاب السلطوي السائد.
وكذلك تمايزت الوسائل والصيغ النصية والشكلية المستخدمة في التعبير عن المحتوى الأيديولوجي لكل منهما.
على الرغم من كل ما أشرنا إليه ظل المسرح لسنوات مديدة الشكل الفرجوي الأكثر إدهاشاً والأكثر سحراً وتأثيراً، ولم تكن فقط رحلة خطابه النصي حارة وقلقة بل خطابه الجمالي والبصري أيضاً.. فقد سعى بشدة إلى مسايرة التطورات التقنية ومواكبة التغيرات التكنولوجية الهائلة التي أفرزها عصر العلوم الجديدة.
لقد ظل المسرح أميناً للإقناع والإدهاش وكان سباقاً في الإحساس بالتحديات الآتية لا محالة، فأعاد صياغة الأحداث الجلل واستعار من وسائل وطرائق المعرفة الجديدة كل المفردات التي تحل مشكلات خلق عالم سحري وأخاذ يعبر عن تطور العصر وروح العصر.
بقي المسرح متباهياً بتفرد عالمه وشموخ هالته إلى أن أطلت السينما بصورها الشيطانية لتثير قلق هذا المتباهي وتقض مضجعه.
استعان المسرح بعد ظهور السينما بكل وسائل دفاعه عن نفسه. لم يكن الصراع في ذاك الحين متكافئاً.. فاستنفر رجالات المسرح بحثاً عن مصادر توازن للصراع الذي أصبح أمراً واقعاً لا محالة.. بعضهم استعار الكثير من التقنيات الوافدة والبعض الآخر جنح نحو الإغراق في البساطة والتبسيط.. لكن المخاوف بقيت قائمة خوفاً من انحسار الطرف الأهم في المعادلة الفنية.. الجمهور.
استمرت هذه العلاقة القلقة الخفية وحدث ما يشبه التحالف الآني لمواجهة الوافد الجديد.. التلفزيون.. ثم توسعت دوائر المراهنات على كسب المتفرج بعد أن تطورت وسائل الاتصال البصرية والسمعية تطوراً مذهلاً حول العالم إلى قرية صغيرة ووسع خيارات المتفرج الذي كان في يوم من الأيام يرى في المسرح فرجة سحرية أخاذة..
جملة الظروف التي وجد المسرح نفسه فيها حرضت رجالاته على التمسك بعناصر تفرده الخاصة به.. به فقط.. اللقاء الحار والحي والمباشر مع الجمهور. وشرطيته التي تتيح له إعادة تركيب العالم ومفردات الحياة بصيغه هو.. وقوانينه هو.. (في المسرح فقط مثلاً يمكن لكرسي على سبيل المثال الساذج أن يأخذ دلالات لا متناهية عبر استخداماته اللامتناهية) وفي المسرح فقط يكون المتفرج شاهدا على خلق الصيغة الفرجوية النهائية في كل عرض يحضره .
فمن حيث المبدأ إذاً لا خوف على المسرح كوسيلة اتصال من أن تهزمه كل الإنجازات والاختراعات البشرية بل الخوف الحقيقي عليه من مؤسساته ومن العاملين فيه... أنا من الذين لا يخفون قلقهم الشديد على المسرح لأنه وبحكم تكوينه يحمل نقطة ضعفه.. روعته أنه فن جماعي.. ومصدر القلق المشروع عليه أنه كذلك.
إن حاجة المسرح للمؤسسة هي التي تقلقنا عليه فقد ارتبط طوال تاريخه بمفهوم المؤسسة التي كانت حاضنة له وجسر عبوره الرئيسي للناس .
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر