الفقراء بين الاستهتار بالوقاية والبحث عن الرزق

الفقراء بين الاستهتار بالوقاية والبحث عن الرزق

خاص – المشهد

أكثر من 48 ساعة على الإعلان الرسمي من قبل وزارة الصحة عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا، في سورية، لم تبدل فيها ميل أصحاب الدخل المحدود من أصحاب المهن الحرة نحو ممارسة الحياة الطبيعية برغم المخاطر الصحية الناجمة عن التجوال دون الالتزام بالتدابير الوقائية، ومع فرض حظر التجوال المسائي، تبقى وسائل التواصل الاجتماعي مسرحاً لنقل ما يصفه البعض بـ "الاستهتار المجتمعي"، فيما يصفه آخرون بـ "البحث عن لقمة العيش".

لقمة العيش.. أولاً
يقف أبو نورس في "ساحة السيوف"، في مدينة "جرمانا"، بريف دمشق الشرقي منتظراً أن يكلف بعمل ما من قبل أحد، فالساحة مكان لتجمع "عمال الفعالة"، الذين يعيشون من خلال ممارسة عمليات "العتالة – الحفر"، لصالح أصحاب ورشات البناء أو السكان المحليين، ويقول في حديثه لـ "المشهد أونلاين"، أن أغلب العاملين في "الفعالة"، يحصلون على قوتهم اليومين من خلال العمل، ويضحك حين سؤالنا له عن عدم ارتداء كمامة، ليقول ساخراً، "الكمامة بـ 500 ليرة وكل ما نحصل عليه بعد يوم من العمل الشاق هو ألفي ليرة، الخبز أهم من الكمامة وخلافه".
أبو نورس الذي يسمع بـ "فيسبوك"، ولا يعرفه بـ "شكل شخصي"، يقول أن الإشاعات تنتشر بسرعة كبيرة، ويجد من وجهة نظره أن الناس اعتادت على تهويل الأمور أكثر من اللازم، لذا فهو "يتوكل على الله"، ليخرج باحثاً عن "رزق عياله"، ويوافقه بالرأي "مصطفى"، الذي يقف بجانبه منتظراً "فرج الله"، ويقول لـ "المشهد أون لاين": "لا أدري إن كان المجهود العضلي الزائد يؤثر على مناعة الإنسان أو لا، لكن أعرف إني إذا لم أعمل يومياً سأكون مضطراً على الاستدانة لتعيش أسرتي، وأفضل العمل في ظروف قاهرة على ذلك"، يضيف بالقول: "الجلوس في المنزل في مثل هذه الأوقات ضروري، لكن في حال كنا نتملك مصدراً ثابتا للدخل، يمكن للموظف أو اصحاب المحلات أن يلتزموا بهذه التعليمات، أما نحن العمال فليس لنا إلا العمل".

التسول مستمر
برغم خلو الشوارع نسبياً إلا أن المتسولين يجدون بالأماكن القريبة من الأفران ومنافذ بيع المواد الأساسية مركزاً جديداً للعمل، البحث عما يرميه المارون من "ليرات"، أفضل من الجلوس في المنزل بالنسبة للمتسولين، ومن المستغرب أن الأطفال يشكلون نسبة جيدة من المتسولين في الشوارع، وهي وإن كانت ظاهرة غير جديدة على شوارع دمشق، إلا أن استمراريتها في ظل الإجراءات الوقائية يشير إلى أن الجهات الرقابية تهمل هذه الملف حالياً، وقد يكون الأمر ناتجاً عن انشغالها بملفات أخرى.
على مفرق "جديدة عرطوز – الفضل"، يقف مجموعة من الأطفال من الجنسين يقومون بالتسول، وبعد محاولات عدة، تقول "أمينة"، وهو (اسم ليس حقيقيا على ما يبدو)، أنها تتسول لتعيش وأخواتها مما يمنحه الناس لها، وإذا ما ارتدت كمامة فإن الناس لن يمنحوها شيئاً، إذ سيظنون بأنها غنية وغير محتاجة، كما إنها لا تصدق أن الجراثيم يمكن أن تنتقل من خلال الأوراق المالية التي تعطى لها، وتقول إنها تحصل في نهاية اليوم على مبلغ يتراوح بين 2000 – 3000 ليرة.
يقاسم "أمينة"، مجموعة من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10-15 عاماً، كما يوجد عدد من الأطفال الآخرين الذين يعملون على بيع الخبز بأسعار تتراوح بين 100-200 ليرة سورية للربطة الواحدة، ويستمر عمل هؤلاء حتى غياب الشمس تقريبا، ويقول أحدهم واسمه "محمد"، المتحدر من ريف دير الزور إنه يعمل ببيع الخبز منذ أن جاء إلى دمشق، ليساعد أهله على تأمين الاحتياجات الأساسية للمنزل، وكان الطفل الذي يبلغ 13 عاماً من العمر يقف على "مفرق جديدة عرطوز"، بعد انتهاء دوامه المدرسي يومياً، إلا أنه الآن يعمل طيلة النهار لكون المدارس مغلقة بفعل القرارات الوقائية من  "كورونا"، ويعترف بأنه لا يعرف عن المرض إلا اسمه.

 يذكر أن وزارة الداخلية أعلنت مساء  الأحد، عن حظر للتجوال المسائي بدءاً من الساعة السادسة مساءاً وحتى الساعة السادسة صباحاً، على أن يتم تسهيل عمل كوادر الوسائل الإعلامية والخدمات الطبية والعسكريين خلال هذه الفترة.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر