دافوس 2020  .... والاقتصاد العالمي والوطني

دافوس 2020 .... والاقتصاد العالمي والوطني

د.لمياء عاصي
يعقد منتدى دافوس في سويسرا في نهاية كانون الثاني سنويا  , ويحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسه  , و يعتبر أكبر تجمع لصانعي السياسات العالمية  يحضره رؤساء الدول والشركات  الكبيرة والمؤسسات الدولية الفاعلة في الاقتصاد العالمي مثل صندوق النقد الدولي  والبنك الدولي وغيرهما , حيث تجري مناقشة  الأفكارالجديدة والتوجهات العالمية  إضافة للترويج  للرؤى المختلف  بشأنها  لتلافي آثارها السلبية , مثل موضوع التغير المناخي والتقنيات الجديدة وحلول الذكاء الصنعي وانعكاساتها على سوق العمل الذي بفضله أصبحت الأعمال الروتينية من نصيب الروبوت أو الإنسان الآلي وملايين البشر التي  تواجه خطر البطالة  جراء ظهور التقنيات الجديدة  , أما  مجموعة دول ال OCED    "منظمة دول التعاون والتنمية " ومعظمها من الدول الأوروبية , ناقشت هذه الدول موضوع  فرض  الضرائب على شركات التكنولوجية الرقمية مثل غوغل , وفايسبوك وغيرها  , بدون أن تكون رهينة العقوبات الأمريكية  والإجراءات الإنتقامية من الاتحاد الأوروبي لأن ذلك سينعكس مباشرة على  معدلات النمو الاقتصادي في هذه المنطقة  , كما أن عدم المساواة  بين البشر والفجوة التي تتسع عاما بعد عام بين قلة غنية وغالبية فقيرة  هو الموضوع الحاضر دائما إضافة  إلى مواضيع كثيرة أخرى .
في موضوع الحروب التجارية من فرض رسوم تجارية ورسوم مضادة , التي تصدرت عناوين الأخبار العام الماضي , أشار صندوق النقد الدولي  في تقريره الصادر في اكتوبر 2019 إلى أن "تزايد التوترات التجارية والجيوسياسية , قد زاد من عدم اليقين بشأن مستقبل النظام التجاري العالمي والتعاون الدولي بشكل أعم ، مما أثر على ثقة الشركات وقرارات الاستثمار والتجارة العالمية".
هذا العام أتى منتدى دافوس  في أعقاب الاتفاق الكبير بين الولايات المتحدة والصين , لإنهاء الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين , حيث تعهدت الصين بشراء سلع أمريكية  بمبلغ 350 مليار دولار , بالرغم من بقاء بعض النقاط العالقة بين الطرفين , مثل موضوع  عدم الموافقة الأمريكية على القانون الصيني الذي يجبر كل الشركات التي تريد أن تعمل في الصين على نقل المعلومات التقنية .
إن الحروب التجارية المعلنة  بين الولايات المتحدة  والصين  رأى فيها الكثير من الاقتصاديين قصر نظر من الولايات المتحدة  , إذ أنها قد تحقق فيها نقاط إيجابية لمصلحتها  ولكنها  تقوض  المبدأ  الأساسي الذي قام عليه التعاون الدولي  لعقود مضت  , حيث دافعت الدول الليبرالية عن  مبدأ  "حرية التجارة "  لسنوات طويلة , كمفهوم  يقوم على  التجارة  في السلع والخدمات بين الدول بدون ضرائب أو رسوم جمركية أو معوقات  تجارية كالحصص أو الدعم الحكومي للإنتاج المحلي , ترى هذه النظرية ضرورة وجود تجارة حرة في جميع البلدان وتعتمد  مبدأ الميزة النسبية , وطبقًا لهذا المبدأ تتخصص الأسواق بإنتاج السلع  التي تملك فيها ميزة تنافسية  ,  وتستطيع إنتاجها بكلفة أقل  وتحقق أرباحا أكثر  ,بينما تستورد السلع التي يكون إنتاجها أكثر تكلفة عليها دون أن  تحقق فيها أرباحا ,  وهذه السياسة  تمكن المستهلكين من شراء السلع  بالسعر الأنسب أو الأقل , في مقابل  السياسات الحمائية التي يقول منتقدي  هذه  السياسات بأنها تقيد التجارة الدولية  لحماية الصناعات المحلية  ورفع إمكانيات  الاقتصاد المحلي .
في دولة مثل سورية , حيث  نسبة المستوردات إلى الصادرات أكبر  بما لا يقارن  ,  فإن مبدأ إلغاء الرسوم الجمركية على  المستوردات سيخفض الايرادات العامة  للدولة  بشكل كبير ... ومع ذلك , فقد ذهبت سورية إلى توقيع اتفاقيات التجارة حرة مع كل من تركيا  عام 2007 , وإيران عام 2010 , إضافة لإتفاقية لمنطقة التجارة العربية ال GAFTA   بهدف تشجيع التجارة البينية العربية , وأصبحت  بموجب تلك الاتفاقية الرسوم جمركية  تساوي الصفر, اعتبارا من عام 2005 ,  و بسبب عدم وجود جدار جمركي موحد,  تمت الإساءة إلى الاقتصاد الوطني  من خلال دخول  البضائع الآسيوية على أنها عربية المنشأ  , إضافة إلى اتفاقية التجارة  المجحفة التي وقعت  مع تركيا في عام 2007  وظلت قائمة إلى عام 2012 , خلال هذه السنوات كانت الحكومة التركية تفرض رسما لمساعدة الأسر الفقيرة لديها  ولا يوجد ما يقابله لتحقيق مصلحة الجانب السوري ,  كل ما سبق يطرح سؤالا جوهريا :  هل ستتمكن الدولة السورية  الإستغناء عن إيراداتها وإفقار موازنتها العامة ....  لقاء بضائع  مستوردة ,لا تستطيع السلع الوطنية منافستها  دون إمكانية حماية أو تطوير المنتج المحلي ؟؟؟؟
الاقتصاد العالمي  يواجه تباطؤا وتحديات غير مسبوقة ,  كما نشهد ظهور  تقنيات جديدة ربما تغير سوق العمل ونمط الاستهلاك  وكل شيء , كما يتم تكريس مبدأ "الحياة للأقوى"  لا أحد يهتم  كثيرا بالحق والمنطق أو القيم الأخلاقية , كما نعلم جميعا, سورية تواجه حربا شرسة وأزمات متلاحقة وعقوبات ظالمة ومعيقة لحركة التجارة منها واليها , في ظل هذه الظروف ... هل سيكون الاقتصاد السوري قادرا .. أن يواجه كل هذه الصعاب  ؟؟؟؟ وأن يؤمن الحياة الكريمة للمواطنين الذي ضاقوا ذرعا بظروف حياة  قاسية قائمة على الإنتظار.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني