شراكس منبج .. صراع بقاء أثمر بعد سنوات الحرب

شراكس منبج .. صراع بقاء أثمر بعد سنوات الحرب

خاص – المشهد أونلاين

يعتبر "الشركس"، من المكونات الأساسية في مدينة "منبج"، الواقعة بريف حلب الشمالي الشرقي، إذ كان الحي الغربي من المدينة ذو صبغة شركسية حتى بداية الأزمة السورية في العام 2011، وتفاقمت هجرة العائلات الشركسية من المدينة مع سيطرة تنظيم "داعش"، لتبقى فقط 50 عائلة من هذا المكون في المدينة، وبرغم المضايقات المستمرة التي تعرضت لها هذه العوائل، إلا أن الفقر كان السبب الأساس في بقائهم وتحمل الظروف الصعبة التي مرّوا بها.
يعمل الشركس في مدينة "منبج"، بشكل أساسي في الزراعة من خلال امتلاكهم لمساحات واسعة من الأراضي، إضافة إلى عملهم في المهن الصناعية المتعلقة بصيانة السيارات وتصنيع قطع التبديل، واتجه عدد كبير من أبناء هذا المكون نحو التعليم إلى أن بدأت الحرب ومنعتهم من متابعة التحصيل الجامعي بسبب تقطع الطرق الواصلة إلى مدينة حلب خصوصاً، وبقية المحافظات السورية عموما.
يتحدر "شراكسة منبج"، من أربعة أعراق هي " قبردينا بلغاريا - أديغية - قرشاي شركسيا – أبخازيا"، إذ يعد الشركس من الشعوب القوقازية التي هاجرت من موطنها الأصلي نتيجة للحرب التي شهدتها "روسيا القيصيرية"، التي امتدت بين العامي 1773- 1884, ووصلت الهجرة الشركسية إلى تركيا في بادية الأمر، إلا أنهم عادوا لمواصلة الرحلة واستقرت أعداد منهم في دمشق وحمص وشمال محافظة الحسكة ومنبج والجولان السوري، إضافة إلى الأردن وفلسطين.

صراع الهوية
شكل الشركس خلال المراحل الماضية "الجمعية الشركسية"، بهدف المحافظة على التراث اللامادي للمكون الشركسي في مدينة "منبج"، وتحاول هذه الجمعية تعليم الأطفال لغتهم الأم من بعد أن كانت ممنوعة وفقاً لقوانين تنظيم "داعش"، الذي ظل مسيطراً على مدينة منبج حتى العام 2017، إذ خرج منها التنظيم لتحل مكانه "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة من قبل التحالف الأمريكي.
الجمعية التي تقيم نشاطات ثقافية وفنية لإحياء التراث الشركسي، تعمل أيضاً في الشق الإنساني على تقديم المساعدات إلى العوائل الشركسية الفقيرة بالدرجة الأولى، ومن ثم الوصول إلى بعض المستفيدين من بقية المكونات، وهي تحظى بقبول من قبل "قوات سورية الديمقراطية"، لكون الأخيرة تحاول أن تلعب على وتر "أخوة الشعوب"، وهو المبدأ السياسي الذي تروج لـ "ديمقراطيتها"، من خلاله على الرغم من مضايقتها لكثير من المكونات التي لا تواليها.
يعتبر الشركس أن ابناء مدينة "منبج"، تعلموا منهم بعض العادات والتقاليد المتوارثة في المجتمع الشركسي، فعلى سبيل المثال تعد طقوس العزاء المتبعة في مدينة "منبج"، شركسية، فالنفقات تقسم على عدد ذكور عائلة المتوفى من أخوته وأبنائهم، كما إن الجيران ملزمين بتقديم الطعام خلال أيام العزاء لعائلة المتوفى وضيوفهم، وهو ما يعرف اليوم في مدينة منبج بـ "ذبيحة العزاء"، ويعكس الأمر صورة من صور الاندماج والتكامل بين المكونات التي تعيش في المدينة الواقعة في الريف الشرقي من محافظة حلب، والتي تعد مغناطيسا لاستقطاب التنافس الدولي نظراً لأهميتها في الجغرافية السياسية والعسكرية للشمال السوري.

 خياطون خاصون
يعتمد الشركس الأزياء المعتادة من قبل سكان مدينة "منبج"، في الحياة اليومية، إلا أن الزي الشعبي يظهر في المناسبات كالأعياد والأعراس والتعازي، ولا يقوم الخياطون المقيمون في مدينة منبج بتنفيذ مثل هذه الأزياء، فهي حكر على "الشراكس"، لدقة الاختيار في الأقمشة والنقوش المستخدمة في إنتاج هذه الأزياء.
يتكون الزي الشعبي لرجال الشركس، من رداء خارجي يصنع من قماش سميك ذو لون واحد ويصل إلى ما تحت الركبة ويزرُّ عند الخصر بأزرار قماشية من اللون نفسه, كما أن القبعة أو ما تسمى "القلبق" الخاص بالشباب يجب أن تكون مصنوعة من فرو الأغنام الضغيرة، فيما يتألف الزي النسوي من ثوب طويل فضفاض، تتوسطه زخارف خفيفة في منطقة الصدر، مع قبعة طويلة يتدلى من أعلاها منديل شفاف ليغطي الرأس.
يشترك "شركس منبج"، مع بقية الشراكس بالزي الشعبي، والرقصات والأغاني والاطعمة الشعبية، إلا أن خصوصية بقائهم في مدينة "منبج"، تأتي من تعاقب الميليشيات التي مرّت على المنطقة الشرقية من ريف حلب خلال الحرب الدائرة في البلاد منذ ما يزيد عن تسع سنوات، الأمر الذي يعتبر واحدة من أهم معارك البقاء التي خاضها المكون الشركسي.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر