وباء الأسعار من المسؤول؟

وباء الأسعار من المسؤول؟

د. عدنان صلاح إسماعيل

تشهد الأسواق السورية ارتفاعا جنونيا في مستوى أسعار السلع والخدمات لم تنفع معه كل الأخبار الفيسبوكية عن تهاوي سعر الدولار , وجميع الأطراف تتقاذف الاتهامات : الحكومة تحمل التجار المسؤولية والتجار يحملون سعر الصرف المسؤولية والمواطن يدور في دوامة الأسعار الفلكية.
إذا أردنا أن نكون موضوعيين بالتحليل يتبادر إلى ذهننا التساؤلات المشروعة التالية:
إذا كان التجار هم المسؤولون عن ارتفاع الأسعار لماذا لا تعلن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشفافية جزئيات السعر بمعنى: السعر خارجيا بالدولار والنفقات الاضافية وتفضح تلاعب التجار ؟؟؟
اذا لم يكن التجار مسؤولون عن الارتفاع غير المنطقي للأسعار لماذا لا يتم مصارحة الجمهور بحقيقة جزئيات السعر؟ اي كيف يرتفع السعر بشكل أكبر من ارتفاع سعر الصرف؟ هل هي الجمارك؟ هل هي الرسوم؟ هل هي الضرائب؟
الغريب حاليا في الاسواق ان اسعار المواد تحدد بشكل غريب وبمقارنة بسيطة نجدها تتم وفق سعر دولار يفوق الألف ليرة بالرغم من انخفاض سعر صرف الدولار إلى مادون الـ 900 ليرة سورية فالسكر عند سعر دولار 900 ليرة كان بحوالي 400 ليرة سورية الآن عند دولار دون الـ 900 يباع بأكثر من 400 ليرة.
الآن دعونا نفكر بصوت مرتفع مع السادة في الفريق الاقتصادي:
اسرة سورية مؤلفة من اربع اشخاص لديها ولد بالجامعة والاخر بالمدرسة وهذا حال اغلب الاسر السورية ولنحاول وضع تصور لإنفاقات هذه الأسرة:
يحتاج طالب الجامعة شهريا حوالي 30000 ليرة سورية بين تكاليف نقل ومحاضرات وما شابه بدون أية مصاريف أخرى.
يحتاج طالب المدرسة وفق الظروف التعليمية الحالية ايضا إلى حوالي 30000 تجهيزات ودروس خصوصية .
إذا فرضنا أن الاسرة تملك منزل ورب الاسرة موظف واجره 60000 ليرة تكون الاسرة قد استنزفت كامل دخلها على التعليم والسؤال هنا : من أين ستنفق هذه الأسرة على الطعام والملبس والصحة وغيرها من نفقات المعيشة؟
هل استوقفت هذه الحسابات المعنيين في الفريق الاقتصادي أو بمعنى أدق هل لدى الفريق الاقتصادي اي جواب على هذا السؤال او اي تصور لحلول تستخدمها هذه الاسرة؟
الان الامور ستزداد تعقيدا مع صدور قانون قيصر الأمريكي للعقوبات على سوريا:
المسؤولون السوريون يصرحون ان لا تأثير لقانون قيصر على سورية وباعتقادي ان الكثير منهم لم يطلع على نص االقانون ليبشرنا بتلك التصاريح.
لنكن صريحين وواقعيين كل الشركات حتى المنتمية لبلدان صديقة تنطلق من حسابات الربح والخسارة وبالتالي الشركات ستقيم عواقب التعامل مع سورية فإذا كان التعامل سيقود إلى خضوعها لعقوبات تؤثر على دخولها الأسواق العالمية في اعتقادي ستوقف التعامل مع الحكومة السورية  وهذا سيكون له آثار سيئة على الاقتصاد السوري.
الوضع خطير جدا وبحاجة إلى حلول خلاقة ومبدعة تتجاوز الطريقة الكلاسيكية الجامدة في معالجة الأزمات من خلال :
الشركات الروسية منخرطة في الأسواق العالمية وبالتالي لا يمكن التعويل عليها للمرحلة القادمة ويجب تشديد الروابط مع الشركات الايرانية لتأمين احتياجات الأسواق السورية من المواد الاساسية وقطع الغيار.
في مرحلة دقيقة كالمرحلة التي نمر بها يجب على الحكومة اتخاذ خطوات جدية لترشيد الإنفاق لاسيما النفقات غير الضرورية ويمكن وقف اغلب السيارات الحكومية ونفقات السفر والمؤتمرات وغيرها من النفقات غير الضرورية.
اعادة العمل بالبطاقات التموينية لجميع السلع الاساسية كالزيت والرز والسكر والخبز بشكل يخفض الضغوط على الحكومة ويخفف الاستيراد.
التشدد في موضوع الضرائب والجمارك باتجاه كبار التجار لتأمين مطارح ضريبية وجمركية مقبولة للحكومة والتشدد في ضبط الأسعار من المنشأ وليس من تجار التجزئة.
تلك الخطوات تمثل الحد الادنى المطلوب لمواجهة الظروف الدقيقة والخطيرة التي نواجهها وسنواجهها مستقبلاً لضمان عدم حدوث اضطراب معيشي في الفترة القادمة ومواجهة الضغوط المتزايدة والشرسة بعد سيطرة بواسل الجيش على أغلب المناطق السورية

 

                                                   

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني