المواطن السوري الذي حير العالم بأساليب عيشه بين قوته اليومي ودخله السنوي

المواطن السوري الذي حير العالم بأساليب عيشه بين قوته اليومي ودخله السنوي

اللاذقية - ميساء رزق
بات تأمين لقمة العيش والمتطلبات الضرورية الشغل الشاغل لكل أسرة سورية مع غلاء الأسعار وارتفاع الدولار والحصار الاقتصادي وغيرها من التبعات التي خلّفتها سنين الحرب والأزمة، في ظل تجاهل الحكومة باتخاذ إجراءات فعلية تخفف الضغط عن كاهل مواطنيها الصابرين -رغماً عنهم-. ولكن ما تجاهلته حكومتنا الموقرة لحظته الأمم المتحدة حيث جاء في تقريرها الأخير حول دخل الفرد السنوي أن سورية في المرتبة الأخيرة عالمياً، وأصبحنا بجدارة أفقر شعوب الأرض بدخل سنوي متوسط مقداره 479 دولاراً حسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2018 .
 
هذا التصنيف حيّر العالم قاطبة عن كيفية قدرة الشعب السوري على النجاة والعيش بهذا المبلغ مقارنة مع دخل باقي الشعوب. وللغوص في تفاصيل وتبعات هذا الوضع التقت المشهد الباحث الاقتصادي شادي حسن ليشرّح من وجهة نظر خبيرة معادلة الواقع بين الماضي والحاضر وآفاق النهوض للوصول لحلول إسعافية مع غياب العلاج الجذري لمواطن دخله السنوي يصرفه غيره على وجبة غداء » هذا إن كان موظفاً «،أما غير الموظف فحدث ولا حرج.


 الدول التي كنا نقدم لها مساعدات إنسانية سبقتنا بأشواط!
 
ذكر حسن أن الدول التي كنا نقدم لها المساعدات الإنسانية في ما مضى سبقتنا بأشواط حسب التقرير المذكور، فالمواطن الموزمبيقي يزيد دخله السنوي عن المواطن السوري ب 2.2 ضعفاً، ومواطن زيمبابوي 1.6 ضعفاً، ومواطن أفغانستان 2.3 ضعفاُ، ومواطن جزر ساموا 12.5 ضعفاً وجزر مارشال 18 مرة، أما مواطن بوركينافاسو فيزيد دخله السنوي 3.2 ضعفاً، ومواطن اليمن التي أهلكتها الحرب 4.7 ضعفاُ، والمواطن المصري 13.2 ضعفاً، ومواطن لبنان 20 ضعفاً أما قطر التي نالت المرتبة الأولى فلا يزيد دخل مواطنها عن مواطننا إلا ب 190 ضعفاً!
 
أصبحنا شحادين
على خارطة العالم ولفت حسن إلى أنه أثناء البحث بالنسب والأرقام عن سبب تدهور الظروف المعيشية للمواطنين العاملين وغير العاملين في الدولة، وعن انهيار القيمة والقوة الشرائية لليرة السورية تبيّن أن التضخم والارتفاع الكبير والدائم للأسعار هو السبب الرئيسي مقارنة بالدخل حيث أن متوسط راتب الموظف السوري في عام 1969 ( 250 ل.س) وكان سعر غرام الذهب ( 4.5 ل.س) وإذا قسمنا الراتب 250 على 4.5 ل.س »سعر غرام الذهب 55= « غرام ذهب »الراتب سابقاً ».أما اليوم فمتوسط الراتب يعادل ( 1.5 ) غراماً من الذهب مقابل 55 غراماً عام 1969 ،وبهذا الحساب البسيط يكون هبط الراتب 44 ضعفاً أي كل 250 ل.س عام 1969 تعادل اليوم مليون ومائة ألف ل.س. وإذا حسبنا أسرة مؤلفة من 6أشخاص ما تحتاجه لأكل فلافل كمثال على مدار 3وجبات يومياً تعادل 81000 ل.س وهي أرخص ما يمكن أن يُؤكل،ناهيك عن باقي المتطلبات من لباس وطبابة وتعليم وغيرها من الضروريات،كأنه قُدر للسوري أن يشحذ رزقه على خارطة العالم ويستجدي المعونات والدعم ليأكل ويعيش.
 
معوقات الإصلاح وبدائل العلاج
وبسؤاله عن الحلول الإسعافية الممكنة لتحسين الواقع المعيشي للمواطن السوري أجاب: « برأيي كل الإصلاحات التي تمت حتى الآن لا تشكل إصلاحاً اقتصادياً ولا اجتماعياً ولا تنموياً متكاملًا والمطلوب هنا: سيادة القانون والمحاسبة القضائية،تغيير بنية القوى العاملة السورية لا سيما الإدارة الوسطى،النظر بهيكلية السلطة التنفيذية لتنفيذ المراسيم وإعادة النظر برفع أجور العاملين بشكل فعلي،تخصيص معونة اجتماعية مالية للعاطلين عن العمل بسبب العجز بالإصابة أو الدراسة.كما أنه ليس من المعقول أن يكون % 70 من العاملين بالدولة أقل من شهادة ثانوية ويوجد آلاف الشباب الخريجين الجامعيين والاقتصاديين والحقوقيين بلا عمل يأكلهم اليأس والإحباط كل ليلة والتنمية والبلد والمشروع الإصلاحي بأمس الحاجة لهم ولخبراتهم.والمطلوب أيضاً من رجال الأعمال السوريين الدعم المادي على أرض الواقع بالأفعال لا بالأقوال، ولاسيما أغلب المسؤولين المتربعين على عرش المناصب من الطبقة الغنية والنظر لشعور ومعاناة الطبقة الفقيرة الكادحة في سورية التي قدمت الغالي والرخيص لبقائها. وختم حسن بأنه إذا لم تسبق الأفعال الأقوال نكون قد وقعنا في بئر أزمة النفاق التي لن تساهم بالحل والحوار ولا تداوي الجراح.

بلسانك أحلى!
استطلعنا آراء الشارع السوري من الموظفين وغير الموظفين لنسمع من أفواههم الحقيقة الحقّة على مبدأ "بلسانك أحلى يا كحلا" والتي رصدت مرارة واقعهم المعيشي الحالي، حيث ذكر ابراهيم.ش وهو موظف في مديرية الزراعة وأب لثلاثة أولاد أنه بالكاد يقضي شهره بالرغم من أن زوجته معلمة فراتبهما معاً البالغ حوالي 80 ألف ليرة لا يؤمن إلا النذر البسيط لمطالب العائلة ما يضطره لتأجيل وإلغاء الكثير منها،لافتاً إلى ضرورة إيجاد حلول جدية لمشكلة الدخل المتدني للمواطن السوري مع إحداث تسهيلات ومِنَح خاصة مجزية في الأعياد وافتتاح المدارس لسد الحاجة الماسة في مثل هذه الأوقات.

بدوره أشار بشار معروف وهو موظف في قطاع خاص إلى أنه يتقاضى 45 ألف ليرة كمرتب شهري وبدوامين وهذا المبلغ لا يكفيه كشخص عازب، لافتاً إلى حلمه بالزواج الذي يعتبره مستحيلًا، مصرحاً: «كيف رح عيّش بنت الناس حتى خبزة وزيتونة ما بتكفيها 45 ألف ليرة .«

 وتحدث اسماعيل.ص عن معاناته كونه غير موظف وهو أب لطفلين أحدهما بعمر أشهر حيث يعيش مع أهله في القرية ويعمل »مياومة « بالبناء حيث يتقاضى 2000 ليرة باليوم ويؤمن قوت يومه والمستلزمات الضرورية لطفله عند عمله الغير دائم أما باقي الأيام فيكتفي بالطعام عند أهله،متمنياً معجزة بربح ورقة يانصيب لتقلب حاله للأحسن.
 وأشارت أم علاء وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال تعيش على راتب زوجها التقاعدي إلى أن الراتب لا يكفيها وأولادها ما اضطرها للعمل بتحضير المونة وتجهيز الطعام للناس كلف الملفوف وحفر المحاشي وغيرها مقابل المال لدعم مصروف البيت،وبسؤالها عن طريقة تأمين باقي متطلبات عائلتها،أجابت: « نلبس من بسطات البالة وأشتري باقي المواد عن عربيات الأسواق الشعبية فأسعارها أقل من المحلات،وختمت أم علاء بقولها: »بدنا ندبر أمورنا ونتحايل عاللقمة والهدمة لنعيش،ما حدا بيموت من الجوع،الخير كتير وكلشي بحقو،وعلى قد بساطنا طاويين رجلينا
 
لنا كلمة
عينات كثيرة قد تشمل أو بالأصح »تشمل« جلّ الشعب السوري، أنا وأنت،جاري وجارك،أخي وقريبك،هذا الشعب الخارق الذي تحدى المستحيل ونجا وعاش وتحايل على القلة والحاجة والعدم،وأكل وشرب ولبس وتعلم وتداوى بالقدرة الإلهية بعيداً عن منّة حكومته العتيدة التي تقطره قروشها بأصغر قطارة، وحيّر فطاحل الاقتصاد في العالم أجمع بهذه الهبة الربانية مردداً بصوت واحد:على هذه الأرض ما يستحق الحياة،وإن صنفنا الأخير بالمال نحن الأول بجدارة الحياة.


 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر