الحجز الاحتياطي  .. لماذا تتم استباحة المال بهذه الخفة؟

الحجز الاحتياطي .. لماذا تتم استباحة المال بهذه الخفة؟

منذ فترة والاخبار تنتشر ويتم تناقلها حول إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال رجال أعمال وشركات لها سمعتها ومكانتها في الواقع الاقتصادي السوري، وقد ترافقت إجراءات الحجز هذه مع حالة تفلت وفوضى واستسهال بالمال العام وملكيات الدولة.

 كتبنا قبل وقت من الآن بما معناه أن هناك "استكلاب" على المال العام في ظل انشغال الدولة بملفات الأمن ومواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي. في الوقت الذي لم تول فيه  جل اهتمامها للوضع الداخلي الاقتصادي والاجتماعي.
الأخبار التي تم تناقلها عن الحجز الاحتياطي على أموال بعض رجال الأعمال شكلت صدمة في الشارع السوري، وخيبة أمل برموز وأسماء اقتصادية كبيرة كانت المستفيد الأول من ظروف الحرب، وبعض هؤلاء شكلت الحرب رافعة لنمو أعمالهم وتوسعها. وكانوا دائما أول المستفيدين من عطاءات ومناقصات الحكومة وأول من يفوز بها.

 سمعنا وسمع الجميع عن تلزيم بعض هؤلاء لمراكز تسوق ومشاريع عقارية وإكمال لمشاريع حكومية تعثرت في زمن الحرب وجرى تلزيمها لهم وبعضها كان مجحفاً للحق العام.

مستفيدون ومدللون ربما لأنهم أقدر من غيرهم على اقتناص الفرص ويملكون الثروة القادرة على العمل والقادرة على الإفساد. وهنا تتحمل الحكومة وبعض الوزراء والمدراء مسؤولية المشاركة في غض الطرف والتسهيل.

بالعودة إلى موضوع الحجز الاحتياطي، ولنسأل لماذا تقوم الحكومة بعمل الحجز الاحتياطي إذا لم يكن هناك جدية في استعادة مال من حق الدولة، ولماذا لاينشر عن هذه الأمور بشفافية.

وإلى متى الاستسهال بإشهار سيف الحجز الاحتياطي من قبل الحكومة على الأفراد والشركات حتى ولو كانت حكومية، وأين دور القضاء المختص كحكم ومرجعية نهائية موثوقة، وهل هذا الاستسهال عامل ثقة إضافي لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية لدعم الاقتصاد السوري؟  ولماذا تغيب الشفافية عن هذه الإجراءات قبل وأثناء وبعد الحجز، خاصة وأن وصول المبالغ المطالب بها على الشركات لم تصل إلى هذا الكم بين ليلة وضحاها.

لماذا فجأة نسمع بقرار الحجز ولماذ تعمد الحكومة إلى إقصاء الشفافية، وترك الباب مفتوحاً للتسويات التي غالباً تحمل في طياتها تغييب العدالة وتغليب منطق الابتزاز، وإفساح المجال لبيئة ناشطة للفساد.

يتم الإعلان عن الحجز الاحتياطي ويتم فك الحجز الاحتياطي بعد وقت قليل، نسمع جميعاً بالحجز ونسمع جميعاً من وسائل الإعلام أو صفحات الوزارات الرسمية بفك الحجز الاحتياطي.
أليس من حق الرأي العام معرفة سبب الحجز وسبب فك الحجز؟ إذا لم يكن من حق الرأي العام معرفة ذلك فلماذا يعلن عنها في الصفحات الرسمية؟

في آخر خبر عن  الحجز الاحتياطي نشرت وزارة النقل مؤخراً خبر الحجز الاحتياطي على أموال منقولة وغير منقولة لمالكين من أجنحة الشام وأصول للشركة، وتم تناقل معلومات عن مبالغ بمليارات الليرات مختلف عليها مع شركة أجنحة الشام للشركة السورية للطيران، ليقل لنا أحد ما كيف تتراكم مبالغ بالمليارات على شركة قطاع خاص لشركة حكومية، في ظل شح سيولة هائل وفي ظل حاجة ماسة للشركة السورية للطيران لتطوير أعمالها ووفائها بالتزاماتها كشركة وطنية مهمتها إعادة هيكلة نفسها والاعتماد على أصولها وأعمالها التشغيلية لشراء طائرات وتسيير رحلات وهي رمزيا تمثل شخصية الدولة الاعتبارية.؟

كيف يمكن لشركة الطيران السورية أن تسمح بتراكم مطالبات بالمليارات على شركة تستفيد من وجودها ومن خبرتها وقامت عملياً على أكتافها.
من المعروف طبعاً وشركة أجنحة الشام تعترف بذلك أن السورية للطيران قدمت كل خبراتها وكوادرها  من طيارين وفنين تعلمو وتدربوا وأنفقت عليهم الدولة أموالاً طائلة لتجيير خدماتهم بكلف قليلة لشركة محلية ولو  تم ذلك تحت أي بند وظروف. فهي فائدة شبه مجانية بالنظر إلى كلفتها القليلة على الشركة.

بالعودة إلى موضوع آخر لايقل أهمية وعند نشر خبر الحجز الاحتياطي على أجنحة الشام، سارعت الشركة إلى إصدار بيان نشرناه على موقعنا من باب الأمانة الصحفية، ولكن ما يثير الاهتمام أن الشركة نشرت بياناً يقول أنها سددت كافة أجور الخدمات التي تقدمها مؤسسة الطيران العربية السورية، بالإضافة لكافة رسوم المؤسسات والجهات الرسمية والموردين على أكمل وجه. دون تأخير!

 هكذا تقول الشركة مع أن المبالغ المختلف عليها وصلت إلى الدرجة التي اضطرت وزارة النقل لنشر بيان الحجز الاحتياطي. على صفحتها الرسمية.
لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد طالما أنها بنود مختلف عليها؟ وهل التسوية ستكون في مصلحة العدالة أم ستكون مقدمة لصفقة رابحة على حساب المال العام؟
ليس ذلك فقط. بل إن أجنحة الشام تقول في بيانها أن المبالغ المتراكمة هي عبارة عن تعويضات تجارية مختلف عليها وليست رسوم أو ضرائب!
مبالغ مختلف عليها وتصل إلى مليارات الليرات السورية! مع أن الشركة تقول أنها لاتتوانى عن دعم المؤسسة كناقل وطني! لانعرف أين كانت داعماً ومن دعم من على طول الخط ومنذ نشأة أجنحة الشام.

نحن هنا لانقصد هنا التقليل من أهمية شركة أجنحة الشام ولم نتقصدها بالحديث عمداً كل ما في الأمر أنها فتحت باباً للتساؤل.
إلى متى يتعامل رجال الأعمال الذين تلقوا كل الدعم والمساندة من الدولة مع المال العام بهذا الاستسهال؟ ولماذا تقبل مؤسسات الدولة هذا الاستسهال؟ من المستفيد ياترى من هذه المعادلة التي تسمح للقطاع الخاص بالاستفادة على أكتاف المؤسسات العامة وأموال دافعي الضرائب الحقيقيين؟
وإلى متى يقوم بعض الصحفيين وبعض المواقع الإلكترونية بدور ترويجي خفيف في محاباة الشركات الخاصة والمسؤولين إما لعلاقة شخصية أو إنفاق إعلاني بسيط.   

 ألم يحن الوقت أن يأخذ الإعلام دور السلطة الرابعة التي تتمتع بشخصيتها القادرة على التصرف بندية وجرأة مع قوة السوق التجارية التي لاتمانع ببيع وشراء أي شيء لتحقيق المكاسب الخاصة بها.
 وهل مفهوم الإعلام يقف عند تبني وجهة نظر المعلن ظالماً أو مظلوماً؟

حتى يتمتع الإعلام الخاص بالدور والهيبة لا بد أن يحظى بشراكة في عملية التنمية الشاملة وعدم الاكتفاء بدور صندوق البريد وإرسال الرسائل أو البقاء منصة لترويج السوق التجارية.
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني