خسائر الدولة والمواطن

خسائر الدولة والمواطن

د.لمياء عاصي  
يوم بعد آخر  ينخفض سعر الليرة السورية أمام  الدولار, ولا أحد يعرف متى ستتوقف موجة غلاء السلع الأساسية التي تبعت عملية انخفاض قيمة  العملة  و زادت من بؤس المواطن صاحب الدخل المحدود,  وبرغم أن الزيادة على الرواتب هي الأكبر تاريخيا , ولكن الخوف من يلتهم سعر الصرف القدرة الشرائية  للمواطنين بدلا من زيادتها , بفعل الزيادة  على الراتب , وهنا يبرز التساؤل المتكرر , عن رؤية الحكومة أو خطواتها لمعالجة موضوع التضخم , وتردي  الوضع الاقتصادي الحالي؟؟؟   واقع الأمر يقول , أن انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي والعملات الأخرى والسلع والبضائع ... سيؤثر على المواطنين والدولة على السواء , بل ستكون ايرادات الدولة ومؤسساتها الخاسر الأكبر , كيف لا ؟؟ وقد خسرت موازنة 2020 مانسبته أكثر من 30% منها مقومة بسعر الدولار , من لحظة تقديمها إلى مجلس الشعب  أن تم إقرارها  , أي قبل أن تبدأ سنة 2020 , أما  الرابحون سيكونون  قلة من التجار والمضاربين على  العملة الوطنية , إن الوضع الحالي هو ركود تضخمي ينذر بتدهور اقتصادي إلى حال أصعب.
من البديهيات , أن انخفاض  سعر صرف العملة المحلية أمام باقي العملات يعني تآكل للقدرة الشرائية للمواطنين , وخصوصا أن أكثر حاجيات البلد من مواد أولية وسلع استهلاكية وتجهيزات تكنولوجية  غير منتجة محليا هي مستوردة , وفي نفس الوقت سيكون انعكاس ذلك  كبير جدا على ممتلكات الدولة النقدية سواء في المصرف  المركزي أو المصارف  العامة , خصوصا أن حركة الإقراض بطيئة  جدا أو شبه متوقفة بسبب الحرب وتداعياتها على الوضع الانتاجي  بكل أنواعه   , وقد صدر بشأن ذلك ,  أكثر من تصريح  بارتفاع  منسوب السيولة إلى مستويات غير مرغوبة  في البنوك العامة ,  أما الأموال الناجمة عن الايرادات العامة سواء الضريبية والجمركية وغيرها ... وبسبب  تدني  سعر  العملة الوطنية  , فإنها  لن تمكن الدولة السورية  من  القيام بمهامها المناطة بها حسب الدستور والقوانين المرعية ووفق ما تم رصده في الموازنة العامة للدولة , من إشادة  أبنية المؤسسات العامة أو المدارس أو المشافي أو  القيام بمشاريع البنية التحتية  أو شراء الكميات اللازمة من السلع الأساسية مثل ( القمح , المشتقات البترولية  , التجهيزات , الأدوية.....) , خصوصا أن الدورة الاقتصادية الضعيفة حاليا  بشقيها الانتاجي ومستلزماته المستوردة أو الاستهلاكي وبما تحدده القدرة الشرائية  للغالبية العظمى من السكان ,  كل ما سبق , سيدخل الدولة  في أتون حلقة مفرغة من التضخم والتمويل بالعجز , وما يتبعها من  ضعف الفرص الاستثمارية المحلية والخارجية  ثم الزيادة في مبلغ العجز المالي  والتجاري .
بضعة أسئلة  عادة تطرح  , من أجل فهم ما يحدث من انخفاض الإيرادات العامة  والعجز المالي والتجاري  والتقصير الحكومي في مكافحة الغلاء والتهريب  والفساد .... ومنها : 
1.    ماذا عن رؤية الحكومة لزيادة الإيرادات العامة  الحقيقية وليست الإسمية  , لتتمكن من القيام بمهامها  ؟؟؟
2.    ماهي رؤية المعنيين الحكوميين  لتخفيض مستوى العجز المالي الذي هو الفرق بين النفقات والايرادات في موازنة الدولة ,  وكذلك العجز التجاري الذي يمثل الفرق بين صادرات البلد ومستورداتها ؟؟؟
3.    ماذا عن السياسات الوطنية لتخفيف حدة البطالة  ولوقف هجرة الكفاءات والشباب ؟؟؟
4.    بهذا الصدد لا بد من ذكر بعض الأولويات الأساسية التي  يجب أن  يستند  اليها أي اقتصاد في مرحلة تعافي بعد حرب شرسة:
5.    1.    الأولوية للإنتاج  المحلي : وتشجيعه سواء  بتسهيل التراخيص الإدارية لإقامة المشاريع الإنتاجية ,أو بخفض الضرائب والرسوم على هذا الإنتاج  أو بإعطائه الأولوية في المناقصات العامة والمشتريات الحكومية  . 
6.    2.    ضمان الجودة  : بما تتضمنه من المعايير والمقاييس والمواصفات في كل شيء يستهلك من السلع والخدمات, وهي الأساس لتوفير الحماية للمواطنين بكل ما يتداول داخل البلد من  إنتاج محلي أو مستوردات أو البضائع التي تصدر خارجها , إذ أن المنافسة الوحيدة يجب أن تكون للجودة في المنتج المحلي .
7.    3.    تبني الدولة للمشاريع المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا  : بكل احتياجاتها سواء الوصول إلى التمويل عن طريق القروض أو إنشاء  المراكز التقنية لتأمين المساعدة الفنية  والتكنولوجية المكلفة بالنسبة للمشاريع الصغيرة أو الورشات , إضافة إلى التسويق المحلي والدولي , والشراكة بين الدولة وهذه المشاريع  كسبيل وحيد لتشجيع الانتاج الوطني وزيادته , ولإيجاد فرص العمل المنتجة .
8.    4.    الجدار الجمركي الموحد :  يجب أن  يسبق اي اتفاقية تجارية  مع البلدان الأخرى , حتى لا يتم إساءة استخدام اتفاقية التجارة الحرة  , كما يجب أن تجري التجارة في هذه الاتفاقيات  ( استيراد , تصدير )  وفق مبدأ التبادل السلعي  أو بالعملات المحلية  , ويتم إنشاء مايسمى  بـ " صندوق المبادلة"  ليخف الضغط على طلب الدولار. 
9.    إن سورية  حاليا , تعاني من أزمات خانقة  تترافق بعقوبات  وحصار اقتصادي من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي , انعكست على المستوى المعيشي للمواطن السوري بشكل كبير , وللسير نحو التعافي بخطوات ثابتة  يجدر بالحكومة  أن تعمل وفق أولويات معينة كي تسير  بخطوات ثابتة نحو التعافي , أما الجهود المتمثلة بتصريحات إعلامية وإقامة الندوات والمؤتمرات لمكافحة الفساد والتهريب  والتهرب الضريبي والتأميني , لا تؤدي إلا إلى مزيد من ضعف الثقة بين الجمهور والحكومة ..... ليس إلا .
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني