تسول ونصب واحتيال عبر الانترنت

تسول ونصب واحتيال عبر الانترنت

المشهد – ريم غانم
بين كل مئة حالة إنسانية لطلب المساعدة تتنشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي قد تخرج حالة واحدة فقط صحيحة فقد تحولت طلبات المساعدة على الإنترنت إلى نوع آخر من التسول انتشر بشكل كبير في كل المحافظات السورية والصفحات الالكترونية، هذا ما أكدته الخبيرة الاقتصادية والناشطة الإنسانية نسرين زريق التي تساعد الكثيرين عبر صفحتها الشخصية بدافع إنساني بحت، والتي تختار نشر الحالة بعد أن تتأكد من صحتها الفعلية.
مع تطور المجتمع وظهور وسائل التواصل الاجتماعي تطورت أساليب التسول التي يتم من خلالها استغلال تعاطف الناس وحبهم لفعل الخير. في كل يوم وأنت تتصفح صفحتك الشخصية على الفيس بوك تقرأ مئات الحالات التي تطلب وتترجى التبرع بأي مبلغ مع نشر صور ووثائق محزنة تحرك المشاعر، ويتم التفاعل الكبير مع هذه الحالات ويقوم الكثير من الناس بإرسال مبالغ مالية لهؤلاء الأشخاص حتى لو لم يتم التأكد من صحة الحالة.

أسماء وحسابات وهمية
من السهل على البعض إنشاء صفحات مزورة بأسماء وهمية تبدأ بعدها عملية التسول عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أبرزها برنامج الواتساب وتويتر والفيس بوك وغيرها وعن طريق رسائل متعددة تثير القلب والوجدان تصل بشكل يومي إلى المستخدمين من شتى بقاع الأرض لا أحد يعلم مصداقيتها من زيفها البعض اتخذ هذه الوسيلة مهنة مربحة لا تتطلب أدنى جهد ويجني منها ربحاً وفيراً.

كما اتضح أن البعض من المتسولين له ارتباط بدعم المنظمات الإرهابية خاصة الصفحات التي كانت تدار خارج سوريا وهذا هو الأخطر، لذا كان لزاماً أمام هذه الظاهرة التي توسعت وانتشرت بشكل  كبير التوقف عن التعاطف مع المتسولين وإبلاغ الجهات المختصة لتتعامل معهم، حيث أن معظم وسائل التواصل أصبحت بؤرة للنصب والاحتيال.

حالات مزورة
من بين حالات التسول الكثيرة التي تنتشر يومياً قلما يتم التعرف والكشف عن زيفها ومنها حالة شخص كان يدعي أنه جريح وتم اكتشافها مؤخراً بعد انتشارها لفترة طويلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي صور لجريح يسمى (عاقل محمد سلامة) يدعي أنه من حمص أحيانا ومن منطقة عش الورور في دمشق أحيان أخرى، ويطلب هذا الشخص مساعدة مادية من أصحاب الأيادي البيضاء ودائماً يطلب النقود من الناس بحجة ترميم منزله المتهالك وبهذه الحجج حصل على الكثير من المساعدات الإنسانية ولا أحد يعرف من هو وأين يسكن؟ كما كان يقوم بنشر صوره ونسخ منشوره أينما استطاع وللأسف عشرات الصفحات نشرت المنشور الكاذب، بعد التحري تبين كذب المدعي الذي يسمي نفسه (عاقل سلامة) وتبين أن الصورة الموضوعة له على كافة المنشورات تعود لشاب جريح لبناني يدعى (محمد أحمد دبوق) وهو شاب لبناني أصيب في حرب تموز في جنوب لبنان أدت الإصابة به إلى بتر طرف علوي وسفلي وهو متزوج ولديه طفلة وهو موجود في مجموعة أخرى تسمى  «جرحك شرف «، وعند اكتشافه قام بعض أصحاب الصفحات بنشر تنبيه لعدم الوقوع في الخطأ والتبرع لهذا الشخص المدعي.

تمويل للإرهاب
هناك حالات خارج سورية تم الكشف عنها وتوثيقها تتعلق بإحدى الجمعيات الخيرية، التي أسسها شخص سوري يدعى عادل الحق وعمره 21 عاماً يقيم في ساتون أشفيلد في مقاطعة نوتنجهام شاير في لندن كان يقوم بجمع التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيما تبين لاحقاً أنه يقوم بشراء مؤشرات الليزر ذات الطاقة العالية ونظارات للرؤية الليلية وحقائب سرية مضادة للماء لحفظ الأموال، وفي تقرير منفصل للشرطة، في شباط/ 2016 ، تم سجن عادل الحق لمدة 12 شهراً بعد تحقيقات كشفت عن تورطه بتمويل الإرهاب في سوريا، وبعد أن كان قد نشر اعلان تبرع عبر توتير بحجة مساعدة المحتاجين في سوريا، ولكنه أرسلها بدلًا من ذلك إلى مقاتلي ”داعش“، بحسب تقرير صادر عن هيئة الجمعيات الخيرية في بريطانيا.

مساعدة إنسانية
في المقابل تحدث عصام حبال -ناشط اجتماعي ومدير جمعية ساعد التطوعية- أنه يقوم بنشر الحالات الإنسانية التي تحتاج الى مساعدة فعلية حقاً ووجد أن صفحات التواصل الاجتماعي سهلت عملهم الإنساني بشكل كبير وأصبح بإمكانهم التعرف على هذه الحالات بأماكن مختلفة وتقديم المساعدة في مكانها الصحيح.

صعوبات الدفع الإلكتروني
وكان لأهل الاختصاص التكنولوجي رأي أخر في هذه الظاهرة المنتشرة فقد وجد مهندس الاتصالات والخبير في التكنولوجيا جهاد عيسى أن ظاهرة التسول الإلكتروني قليلة الانتشار في سوريا بسبب صعوبة عمليات الدفع الالكتروني والتي ألزمتها بالتحول إلى أشكال أخرى عبر صفحات التواصل الاجتماعي من فيس بوك وغيره وعبر نشر حالات تدعي الإنسانية والطلب بالتبرع بمبالغ مالية كمساعدة خيرية، تلك الطريقة تتطلب بعض المصداقية مثل « طفل بحاجة إلى عملية أو جريح يحتاج لأدوية إلى إلخ « لكنها هذا لا يمنع أن تكون هناك الكثير من الحالات الكاذبة. مضيفاً يأخذ التسول أيضاً أشكالا أخرى لدعم الصفحات والمواقع كالذي يقوم بإنشاء موقع يضع فيه محتوى معين ويكتب عليه عبارات من نوع (ادعمونا لنطور الموقع) إذا نقرت عليه تخرج لك خيارات للتبرع بدءاً من دولار واحد وشدد عيسى على أن تلك الحالات من الممكن التحكم بها والتعامل معها في سوريا كون بعضها مرتبط بوعي الأشخاص الذين يقومون بالتبرع رغم أنني لا أعول عليه كثيراً لتغلب الجانب الإنساني على معظم الناس، وهناك جانب مرتبط بالجانب القانوني لدينا عبر فرع الجرائم الالكترونية لكنه أيضاً غير فعال بالشكل المناسب، بالإضافة لتنشيط الجمعيات الخيرية التي تتولى هذه الجوانب لتقليل عمليات التسول عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

التسول الإلكتروني في القانون
يعد الاحتيال عبر الانترنت أحد الأبواب الجرائم الالكترونية (أو جرائم »الفضاء السبراني «) التي يعاقب عليها القانون السوري وفقاً لقانون تنظيم التواصل عبر الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية عام 2012 ، والقانون رقم / 9/ لعام 2018 القاضي بإحداث محاكم متخصصة بقضايا جرائم المعلوماتية والاتصالات. وفقاً للمحامية عفاف معلا فقد نصت المادة / 21 / على أنه يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية على كل من استولى باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة على مال منقول أو عقار أو معلومات أو برامج ذات قيمة مالية او سند يتضمن تعهدا أو إبراء أو أي امتياز مالي آخر وذلك عن طريق خداع المجني عليه أو خداع منظومة معلوماتية خاضعة لسيطرة المجني عليه بأي وسيلة كانت، وتكون العقوبة الاعتقال المؤقت والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية في الحالات التالية:
1 - إذا وقعت الجريمة على ثلاثة اشخاص فأكثر.
2 - إذا تجاوز مبلغ الضرر مليون ليرة سورية.
3 - إذا وقع الاحتيال على مصرف أو مؤسسة مالية.
ج- ولا تطبق الأسباب المخففة التقديرية إلا إذا أسقط المتضرر حقه الشخصي.

فيما يرى الباحث المختص في هذا المجال إياد علي الدرة أن هذا القانون يعد خطوة تشريعية إلى الأمام لردم الهوة التشريعية الحاصلة من تطور وسائل الاتصال الحديثة التي بقيت ردحاً من الزمن خارج الإطار التشريعي والقانوني وبين القانون التقليدي الذي يقوم وحده بالإشراف على حسن سير الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى تاريخه، وبقي عاجزاً عن اللحاق بركب الحياة المتسارع وبالتالي ضبط مختلف أوجه النشاط الجديدة والمستجدة التي لم تؤطر بضوابط قانونية وتشريعية مناسبة.

ويؤكداً الدرة أننا نحتاج في سوريا الى وضع نظام قانوني متكامل ومتسق مع القوانين الوضعية الأخرى، من أجل ضبط عملية التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة واستخدامها بالشكل الصحيح والأمثل والذي يجنب الأشخاص وخاصة القاصرين منهم الأضرار المادية والمعنوية والأخلاقية، وكذلك المجتمع من التشوه الثقافي عبر استيراد ثقافات جديدة وافدة إلى مجتمعاتنا دون قيود أو ضوابط.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر