التلوث البصري في اللاذقية يسرق هوية المدينة (فيديو)

التلوث البصري في اللاذقية يسرق هوية المدينة (فيديو)

اللاذقية - ميساء رزق
حري بمدينة عريقة كاللاذقية تحظى بجميع مؤهلات الجمال من بحر وسهل وجبل وتاريخ وشعب طيب أن تتوج بعرش أجمل المدن وتكون مقصداً للزوار، ولكن واقع المدينة الحالي وما آلت إليه من إهمال وتشويه لتلك الممتلكات يؤهلها لتكون بين يدي مبضع أشهر خبراء التجميل لإعادة هويتها التي سرقها التلوث البصري المفروض عليها.

لمناقشة هذا الواقع التقت المشهد المهندسة المعمارية جميلة الصايغ المدرسة في جامعة تشرين لتصف الواقع والحلول بعين خبيرة للوصول لواقع أفضل لمدينة يمكن أن تصبح مزاراً للسياحة.


نشأة المدن
تحدثت م.الصايغ عن نشأة المدن مبينة أنه يوجد لبعض المدن ملامح مميزة تكون رمزاً لها أو سبباً لشهرتها، وغالباً ما ترتبط هذه الملامح بالموقع أو التاريخ الذي مرت به وتشكل هويتها البصرية التي هي ارتباط وثيق بين مفرداتها البنائية وأنماط الأنشطة التي تحويها وتعطي بمجملها خاصية الإحساس بالمكان، لذلك فإن موقع اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط له الأهمية الكبرى في نشأتها وفي تركيبتها العمرانية والمعمارية ولكنها قد تكون واحدة من أقل المدن على هذا الشاطئ التي فقدت أو بدأت تفقد الملامح الأساسية المرسومة أو صورة المدينة المتوسطية.

التلوث البصري في اللاذقية
التلوث البصري مصطلح يطلق على العناصر البصرية غير الجذابة والتي تعيق الاستمتاع بالمنظر العام والبنية المحيطة وهو كأي نوع من أنواع التلوث يشكل خطراً على حواس وعقل الإنسان الذي يتعرض له. وأضافت الصايغ أن فقدان الطابع والهوية في كافة أحياء مدينة اللاذقية هو نتيجة الفوضى في دراسة المخططات التنظيمية والإهمال الغريب لمتطلبات نمو مدينة حيويَّة كاللاذقية، إضافةً إلى أنه نتيجة حتمية لتطبيق الأنظمة المعمارية المختلفة وبفعل عدم وجود مفردات وعناصر محلية تربط بين الأبنية بصرياً مما أدى إلى عدم تحقيق واجهات الأبنية لأبسط مفردات القيم الجمالية سواء في واجهتها البحرية أو في واجهات مداخلها الأساسية أو حتى واجهات المركز القديم التجاري للمدينة وللأسف حتى في مناطق التوسع المنظمة تفتقد هذه المدينة إلى أي عنصر من شأنه الارتقاء بها وبعماراتها المفقودة وذلك بسبب عدم انسجام المفردات المعمارية المستخدمة،كذلك المخالفات المعمارية الموجودة في الواجهات وعدم تجانس وتناسق الملمس البصري للمواد المستخدمة في الإكساء وينطبق نفس الأمر على الألوان المستخدمة، إضافةً إلى عشوائية المظلات واللوحات التجارية والدعائية أمام المحال التجارية والعشوائية في تمديد كابلات الكهرباء والهاتف وعدم دراسة أماكن توضُّع قطع التكييف الخارجية والإهمال الشديد باستخدام عناصر ال landscape (الطبيعة) في كافة الشوارع و الافتقار إلى وجود مساحات عمرانية مدروسة في أي مكان من المدينة، وطبعاً بدون أن ننسى اليوم الظاهرة الجديدة وهي تراكم القمامة في الزوايا والحدائق وعلى جوانب الطرقات.

تأثير التلوث البصري على سلوكيات الإنسان
ولفتت الصايغ إلى أن شخصية وسلوك الانسان ليست سوى مرآة للبيئة المحيطة به سواء الطبيعية أو العمرانية والمعمارية وقد أكدت العديد من الدراسات على قدرة التحسينات البسيطة في هذه البيئة على الحصول على تغييرات إيجابية ملحوظة في السلوك البشري من خلال نظريتي الاستمتاع والمشاركة اللتان تؤكدان أن استمتاع الفرد في المشاركة باتخاذ القرار والتخطيط ومن ثم التمتع لما قُدِّمَ له حسب احتياجاته يؤدي حتماً إلى تحمل المسؤولية والشعور بالواجب وبالتالي الرعاية والاهتمام بما أصبح في لاوعي الفرد جزءاً من نتاج فكره وعمله.

مسؤولية الجهات المعنية
ونوهت م.الصايغ إلى أنه قد يبدو اليوم رأيي متحيزاً للسكان ولأبناء مدينة اللاذقية من حيث المسؤولية في هذا الكم غير المسبوق من الفوضى لأن الجهات الحكومية هي بالدرجة الأولى صاحبة المسؤولية خاصةً من حيث سن القوانين الرادعة التي تمنع المخالفات المعمارية والعمرانية والمرورية ورمي القمامة وحرقها، كل هذا كان ليكون في حدوده الدنيا لو وجد لدينا قوانين حازمة تطبَّق على الجميع بعدالة، إضافةً إلى إهمال الدراسات اللازمة إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً لمعرفة الاحتياجات الأساسية للأفراد ومدى تطورها مع الزمن عند وضع المخططات التنظيمية لمناطق التوسع التي ما تلبث أن تصبح واقعية حتى تمتلئ بالمخالفات والتعديات على الوجائب دون أن نذكر سوء التنفيذ في الضواحي الجديدة. وطبعاً لابد أن نذكر أن سنين الحرب السابقة كان لها الأثر الكبير في ازدياد البناء العشوائي الغير مدروس في غالبية أنحاء المدينة، ولا نغفل هنا العامل الأهم وهو الجهات المسؤولة واللجان المعنية التي من المفترض أن تكون مختصة ومجتهدة للوصول لصورة جميلة للاذقية.

الرؤى الممكنة لإعادة الهوية الأصلية للمدينة
إن عملية الارتقاء بمدينة اللاذقية تتطلب وضع خطة أو استراتيجية كاملة بهدف الحد من الظواهر السلبية والعمل على إعادة الحيوية والجاذبية إليها من خلال التأكيد على مراعاة خصوصية هذه المدينة التاريخية والتجارية والإمكانات المتاحة فيها سياحياً وتجارياً والعمل على دراسة المعوقات التي تواجه عملية الارتقاء. إن هذه الحلول يجب أن تكون تنظيمية وتاريخية إضافةً إلى الحلول المرورية والتأكيد على الاهتمام بالناحية البصرية وذلك بعد إجراء مسح شامل ودقيق لمركز المدينة ومناطق التوسع والعمل على رصد كافة الإشكاليات وخلق نظام إداري قادر على إدراة عملية الارتقاء والبحث عن مصادر التمويل لدعم الموارد المحلية من خلال خطط واضحة محددة الزمن تتسم بالمرونة وقابلة للتفاعل مع متطلبات الأفراد والمؤسسات وتضمن تحقيق التوازن والعدالة لهم ضمن إطار انساني يراعي حقهم في الاستمتاع بمدينة كانت يوماً ما عروساً للساحل.
في الختام،إن ضياع الهوية لأي مدينة هو نتيجة حتمية تتشارك بها جميع الجهات الأهلية والرسمية مع انتظار الفرد للآخر لتحسين الوضع وتراكم الأخطاء والتجاوزات بدءاً برمي "قشرة بزر" في الشارع مروراً بمد حبل الغسيل وصولاً لأبنية وشوارع وأحياء منفرة للعين، ولكن لا مستحيل مع إرادة العمل والارتقاء لواقع جميل ومريح بانتفاضة تغيير لسلوكياتنا الفردية برفض كل مخالفة تشوه جمال مدننا.


 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر