الألعاب الإلكترونية طريق يبدأ بالتسلية وينتهي بالإجرام

الألعاب الإلكترونية طريق يبدأ بالتسلية وينتهي بالإجرام

المشهد- رامي سلوم  
تستغل العصابات الإجرامية إمكانات الوسائل  الإلكترونية للإيقاع بضحاياها، من خلال عمليات القرصنة،  أو النصب والاحتيال وصولا للابتزاز، في الوقت الذي  أتاح فيه انتشارها الواسع فضاءاً أوسع لتلك العصابات، أو  بعض الأشخاص، لتضليل الشباب في سن مبكرة، وتجنيدهم  لخدمة الأفكار الهدامة، مستغلين ضعف وعي شريحة واسعة من  المستخدمين، وتأثير إدمان تلك الألعاب على المستوى الإدراكي  لهم، والتداعيات العصبية والنفسية لممارسة تلك الألعاب.
حتى وقت قريب كانت تلك  الممارسات، تصنف على أنها جريمة إلكترونية، تبحث فيها  الأجهزة الأمنيَّة المختصَّة، متناسين الأسباب الرئيسية  لنجاح تلك العمليات والتي  اختلفت تماماً عن وضعها  السابق التي كانت تعتمد فيها  على جهل المستخدمين في  حماية بياناتهم الشخصية في  ظل مواصفات الشريحة  المستهدفة من الشباب،  أصحاب الخبرة الواسعة في  مجالات الانترنت واستخدام  الأدوات الإلكترونية، الأمر الذي  دفع إلى دراسة أسباب انقياد  تلك الشريحة وراء المستغلين،  والأسباب النفسية والاجتماعية  التي تقف وراء انجرافهم إلى  الإنحراف، والتي أصبحت أمراً  واقعا بعد إدراج منظمة الصحة  العالمية أخيرا اضطراب  الألعاب الإلكترونية ضمن التصنيف الدولي للأمراض، بعد التأكد من جملة من الاضطرابات السلوكية والعصبية التي تسببها الألعاب الإلكترونية.

ووفقا لأخصَّائيين، فإن الظروف التي انتشرت فيها تلك الألعاب في سورية، خلال سنوات الحرب الظالمة، ومعاينة شريحة واسعة من الأطفال لمظاهر العنف والخوف، ورؤية صور شديدة العنف، مع فقدان البيئة الخارجية للترفيه، وخوف الأهالي على أولادهم من الأنشطة الخارجية، يفاقم تأثيراتها، خصوصاً مع انعدام القدوة والتفكك الأسري والظروف المعيشية الصعبة، والانهيارات القيمية الواسعة، وفقدان الأمن الاجتماعي. 
من جانبها أشارت الأخصائية الاجتماعية هبة الموسى للمشهد أنَّ الاضطراب يندرج ضمن الإدمان الإلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو حالة مؤقتة تمثل نوعاً من أنواع الهروب من الواقع، واتخاذ القدوة الخاطئة، من دون انتباه للرسائل المبطَّنة التي يبثُّها القائمون على تلك الألعاب، أو إحدى الجهات التي تستغل إمكاناتها، مبينة أن الخطر الحقيقي يكمن في انقياد الأطفال إلى تلك الألعاب وتقمص شخصياتها الافتراضية، ومحاولة تطبيق محتواها العنفي في الحياة الواقعية، لتقليد الأسطورة والبطولة الزائفة التي ترسخها تلك الألعاب في محتواها. 
وقالت موسى إن تحليل المضمون الإعلامي لتلك الألعاب، يبين مدى التأثير والتعود السلبي الذي تستهدف خلقه لدى الممارسين، من خلال إظهار الجروح البارزة في الجسد والكتل العضلية والشخصية العنيفة،مشيرةإلى أن تحديد المشاهد يوضح آليات السحب المتبعة للشباب، والرسائل المبطنة التي تعتمد استغلال صورة الذات غير الكاملة لدى غالبية المراهقين، والتي تكبر في ظروف خاصة من الانفصال والفقر وعدم الاستقرار وغيرها، والميل لاقتباس وتقمص شخصية بديلة تخلصهم من صورة الذات المتدنية وتعويضها بالأسلوب العنفي خصوصاً في حال وقوعهم ضحايا لأشخاص غالبا ما يكونون متخصصين في أمور نفسية واجتماعية، يصلون إلى الضحايا من خلال (التشات) في تلك الألعاب والتي يتبين من خلال مستوى اللعبة ومراحلها مدى تعلق المستخدم بها. 
وقالت إن بعض الأطفال يقضون من 12 – 16 ساعة مع تلك الألعاب، ما يجعلهم خارج يعيشون خارج الواقع الحقيقي، والبيئة الاجتماعية، الأمر الذي يؤثر بشكل بالغ على مدى الإدراك الطبيعي لهم، وتفهمهم للواقع الحقيقي وطريقة تواصلهم مع المجتمع، مستغربة مسايرة الأهالي لأولادهم في الإنجراف إلى تلك الأنشطة التي تعمل على إبدال النشاط الحركي والتطور الاجتماعي الطبيعي، بالاستغلال السيء للواقع الافتراضي، مثل لعبة (الببجي).
 ومن جانبه أشار أخصائي الطب النفسي والذي طلب عدم التصريح عن اسمه بسبب ظروف خاصة تتعلق بشروط عقده مع المنظمات الدولية المتخصصة في إعادة تأهيل الأطفال أن تلك الألعاب من شأنها التأثير في الوصول إلى بعض الانحرافات في حال توافر شروط البيئة المحيطة بالمستخدم، وهو ما يجلعها ذات أبعاد خطيرة في ظل الواقع الحالي، خصوصاً لدى الأطفال من سن الـ 10 – 12 عاماً، حيث تعمل الرسائل المبطنة لتلك الألعاب على تأثير كبير في العمليات الإدراكية وتغيير السلوك وصولاً لابدالها بالفعل بعد وقت قصير، مؤكدا أن البتر أو الفطام هو أهم طرق الشفاء في مختلف جوانب الإدمان، في حال عدم تفاقم المشكلة، ووصولها للتأثيرات المرضية الحقيقية بعد أن تفعل فعلها في الأجهزة العصبية، وزيادة الفشل بسبب الإلهاء وعدم قيام المراهقين بالوظائف اليومية المناطة بهم ومنها العمليات الدراسية، الأمر الذي يزيد الشعور بالنقص والإحباط، وبالتالي سرعة الانقياد وراء كل ما يدعم الشخصية الزائفة، والقوة، والسيطرة، ولو من خلال العنف، وصولا إلى القتل، والاجرام وغيرها. 
 وأشار الأخصَّائي، إلى أن غالبية الحالات تتم معالجتها دون  الاضطرار للعلاج الدوائي واعتماداً على المعالجة النفسية وحدها، من خلال تعزيز الثقة، ورفع الإحساس بالمسؤولية، والبحث عن القدوة التي يحملها الطفل، ومناقشتها، مبيناً أن غالبية الأطفال أصحاب الشخصية العنيفة، يتبين أنها في حقيقتها شخصيات خائفة وتعاني من آثار عصبية بفعل الصور اللا إنسانية التي عايشوها في مراحل مبكرة، والتي يعوضونها في استعراض القوة، والميل إلى العنف. 
 أما اختصاصي الطب النفسي الدكتور غاندي فرح فأشار إلى أن الادمان على الألعاب الالكترونية يحمل تأثيراً سلبياً بسبب ارتباط السلوك الذي يمارسه أصحابه، بمشاكل صحية ونفسية بصورة مباشرة، مشيرا إلى انتشار تلك الاعراض لدى الكبار والصغار في الوقت نفسه.

وأوضح فرح، بأن النشوة التي تنتجها الألعاب الإلكترونية تساهم في خلق الإدمان، من خلال الشعور بالنصر والفوز والقوة والسلطة، والتي تعتمد في حقيقتها على العنف والقتل كما في غالبية الألعاب المنتشرة، والتي يشكل الاستمرار فيها لما يصل عند البعض إلى 10 – 16 ساعة خروجاً كاملاً من الواقع، والعيش
في البطولة الزائفة خاطئة المفاهيم، وإحساس الشخص بعدم الحاجة للآخرين وخروجه الكلي من محيطه، ما ينقله إلى استخدام الأسلوب العنفي في حياته الواقعية محاولاً خلق الصورة التي شكَّلها لنفسه في الواقع الافتراضي.

واعتبر فرح، أن الوصول إلى حالات الإدمان، يبدو ظاهرا في شرائح معينة من خلال الإنعزال، والهياج العصبي في حال محاولة منعه من ممارسة اللعبة، والاستثارة العصبية السريعة، واختلال الوظائف الحسية، وعدم القيام بالواجبات، والميل للعدوانية، وجميعها تأتي من التأثيرات المبطنة لتلك الألعاب فضلا عن التوتر، وقلة النوم، أو السهر والأصدقاء الافتراضيين، والعجز عن فهم الواقع بصورة مباشرة ما يعبر عنه بأسلوب عنفي. 
ولفت إلى أن بعض الأسر تعتبر قضاء الاطفال وقت طويل على الموبايل ووسائل التواصل والالعاب نوع من التعلم وسلوك اعتيادي بينما في الحقيقة يمثل نوعا من قضاء الوقت بمفرده وعلى حساب أنشطة أخرى لا بد من ممارستها لتشكيل البعد الاجتماعي والإدراكي الحقيقي للطفل، وعدم تركه فريسة للواقع الافتراضي. 
وأشار فرح، أنه في معظم الحالات يكون العلاج النفسي كافياً للتخلص من الحالة، من دون اللجوء إلى الأدوية، داعياً الأسر إلى استشارة الأخصَّائيين وعدم تجاهل الممارسات السلبية للاطفال، مبيناً أن الفطام، أو البتر هو الأسلوب الرائج في مواجهة تلك الحالات، وعلى الأسر إبدال تلك الأوقات الصعبة التي قد يستجيب لها الشباب بنوع من الهياج، وعدم التركيز وغيره، لكنها في النهاية وخلال أسبوعين تقريباً ستفعل فعلها في إلغاء الآثار السابقة.
 اضطراب الألعاب الإلكترونية 
 في المراجعة الحادية عشر للتصنيف الدولي للأمراض ICD – 11) ) تم تعريف اضطراب الألعاب الإلكترونية على أنَّه النّمط السلوكي الذي يفرضه إدمان الألعاب الإلكترونية والمتمثل في فقدان السّيطرة على الرغبة باللعب وما يصاحب ذلك من تأثير سلبي لألعاب الفيديو أو الألعاب الرقمية على حياة الشخص بسبب منح الأولوية لهذه الألعاب على حساب الأنشطة اليومية الُأخرى إلى الحد الذي يكون فيه للعب الأسبقية على الاهتمامات والواجبات الأخرى، على الرغم من العواقب والآثار السلبية المترتبة على ذلك. 
 يعد هذا التصنيف حجر الأساس لتحديد الاتجاهات الصحية ولإنشاء الإحصاءات على الصعيد العالمي، إضافةً لوضع المعايير الدولية للإبلاغ عن الأمراض والظروف الصحية حول العالم. يتم استخدام هذا التصنيف من قبل العاملين في القطاع الطبي في جميع أنحاء العالم لتشخيص الحالات الطبية المختلفة ومن قبل الباحثين لتصنيف الحالات الطبية ضمن فئات مختلفة. وأصدرت منظمة الصحة العالمية المراجعة الحادية عشرة للتصنيف الدولي للأمراض ICD-11) ) في منتصف عام 2018 ، حيث تم اعتبار اضطراب الألعاب الإلكترونية اضطراباً عقلياً بناءً على هذه المراجعة.
اسأل نفسك 
هل تؤثر الألعاب الإلكترونية على قدرتك على إكمال الواجبات المنزلية، أو الدراسية؟
 2 هل تأثر الألعاب على علاقتك بأسرتك ومحيطك؟
 3 مدى الاستثارة العصبية عند فرض التوقف عن اللعب؟
 4 هل للألعاب أولوية على نطاقات حياتك؟
 5 هل تعيق الألعاب تناول الطعام، مراعاة النظافة الشخصية أو ممارسة الأنشطة الرياضية؟
 6 هل تتسبب الألعاب بتغيّرات مزاجية؟
الببجي لتسويق المخدرات
قبضت الأجهزة الأمنية في لبنان الشهر الماضي، على عصابة تستخدم لعبة الببجي للتواصل مع الشباب لتسويق المخدرات، حيث تغريهم من خلال إمكانية التواصل على تلك اللعبة، لتوصيل المذهبات العقلية التي يتاجرون بها. وعلى الرغم من حظر غالبية أجهزة الاتصالات في دول للعالم للعبة، غير أن التحميل السهل لتطبيقات كسر الحظر يجعل من تلك الاجراءات من دون جدوى حقيقية، وتترك المجال الأوسع في مكافحتها لعمليات التوعية، ودور الاسرة في الاهتمام بأطفالها.
اختصاصيو الاتصالات
أكد أخصائيون في مجال الاتصالات، أن الاجراءات المتبعة في التخفيف من آثار المواد الالكترونية الغير المرغوبة من خلال الحظر، ذات تأثير محدود في ظل وجود حلول تقنية متاحة بشكل مجاني في متاجر التطبيقات الإلكترونية. وأشاروا إلى أن الفضاء الإلكتروني يعج بالعصابات التي طورت أعمالها مع متطلبات الحياة الجديدة، وأكدوا أن تقنية الواقع الافتراضي، أمر إيجابي للغاية وتستخدم في المجال العلمي والتدريبي بصورة محاكاة للواقع الحقيقي، ما حقق اثرا كبيرا في ارتقاء نوعية التعليم والتدريب وغيرها، غير أن استخدامها من قبل البعض بشكل سلبي وتوجيهها لطرق مضرة، تؤثر على المستخدمين، أمر يجب ملاحقته باستمرار، والوقوف على مضاعفاته. 
واعتبروا، أنه من الممكن لأجهزة الاتصالات التقاط الأجهزة التي تستخدم التطبيقات الغير صحية والتي تكسر عمليات الحظر، والتعامل معها على أنها قرصنة الكترونية ومحاسبة المستخدمين، غير ان ذلك يقوض روحية العمل على حماية شريحة الشباب، فمحاسبتهم قانونيا قد تزيد من ميلهم للمخالفات، فضلا عن أن العملية بمجملها تأتي لحماية هؤلاء من الوصول إلى المخالفة القانونية والصدام مع الجهات الأمنية، ولذلك تبقى عمليات التوعية هي الاساس الأول في مكافحة تلك الألعاب الاجرامية.
بوكيمون GO
  وهي اللعبة التي انتشرت قبل فترة  قصيرة، من خلال ملاحقة مستخدمي  الهواتف الذكية لشخصيات افتراضية تعرف  (بالبوكيمون)، من خلال استخدام تقنية  تحديد المواقع الجغرافية ( GPS )، كما تقوم  باستخدام الكاميرا الموجودة بهذه الهواتف،  الأمر الذي تبين أنها تنقل المعلومات  إلى جهات مجهولة، خصوصاً الأشخاص  الذين من الممكن أن يستخدموها في  الأماكن ذات الخصوصية الأمنية وغيرها من فضح البيانات الشخصية والخصوصية  للمستخدمين..  وتعرض المستخدمين خلالها لحوادث سير  وابتزاز مادي وغيرها، فضلاً عن إيقاعهم  في مشاكل أمنية لاختراقهم خصوصيات  الأشخاص ودخولهم مناطق محظورة أو  خاصة، بسبب الأثر المباشر للتشويش  الذهني الذي يسببه الانشغال في اللعبة  وإدمانها خاصة أثناء القيادة أو السير على  الطرق والأماكن العامة، ومن التعدّي  على خصوصية مستخدمي اللعبة، إذ أنها  تعتمد على تصوير الأماكن التي يتواجد بها  المستخدم أثناء اللعب والتي يتم حفظها  على خوادم اللعبة.  
  ودعا أخصائيون المستخدمين إلى  أهمية المراجعة الدورية للصلاحيات  المطلوبة من قبل الألعاب والتطبيقات  التي يقوم مستخدمو الاجهزة الذكية  بتحميلها على أجهزتهم الشخصية أو  أجهزة الأطفال ومدى مناسبة منح تلك  الصلاحيات، وذلك حفاظاً على خصوصية  وسرية البيانات والمعلومات الشخصية. 
  لعبة مريم والحوت الأزرق  
  وهي الألعاب التي أدت إلى انتحار عدد من الأطفال والمراهقين، وتدور لعبة مريم حول فتاة صغيرة تبدو مخيفة الشكل تائهة في الغابة، تطلب المساعدة من المستخدم، للعودة إلى المنزل، من خلال  الإجابة على أسئلة مختلفة، ينتهك بعضها  خصوصية البيانات الشخصية للاعب،  وبعضها أسئلة سياسية ليست لها علاقة  بمغزى اللعبة، وتعود المستخدمين على  الامتثال لأوامر اللعبة.  أما الحوت الأزرق، فهي عبارة عن ما يسمى مجموعة من التحديات على مدار 50 يوماً، يطلب في التحدي الأخير من المستخدم الانتحار، فيما يعتبر محاكاة لحوادث انتحار الحوت الأزرق على الشواطئ.
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر