"سوريات في لبنان" الجسد مقابل الحياة

"سوريات في لبنان" الجسد مقابل الحياة

بيروت - خاص:
في تحقيق سابق للمشهد، تم تسليط الضوء على معاناة اللاجئات السوريات في مخيم الزعتري عبر حوار أجري مع إحداهن، أوضحت من خلاله ماهي حقيقة الواقع المأساوي في هذا المخيم.
وفي استكمال تحقيق اليوم لا يختلف الواقع كثيراً، فمن اللجوء في الأردن إلى اللجوء في لبنان يبقى حال اللاجئات السوريات واحداً في بلاد العرب.

استغلال غير محدود من شقيقة الحدود
يواجه العديد من السوريين في لبنان ظروفاً حياتية قاسية، عدا عن المشكلات البيئية والصحية التي تحيط بهم، فضلاً عن التعنيف الذي واجهوه والذي وصل للإجرام في حالات عديدة تم الاعتراف بها من قبل الأمن العام اللبناني، ولعل أبرز الظروف التي واجهوها هي عدم توفر فرص العمل وخاصة للاجئات اللواتي يعتبرن الحلقة الأضعف في كل ما يحدث، والقاصرات منهن على وجه التحديد.
 تقول «منار» إحدى اللاجئات السوريات في لبنان  للمشهد: "لجأنا إلى لبنان لأسباب باتت معلومة  عند الجميع، لم نكن ندرك أن هذا اللجوء  مكلف إلى هذا الحد، منزل قديم يخلو من كل  مقومات السكن في إحدى القرى الشعبية  التي يطلقون عليها الحارات النائية، سمحوا باستئجاره مقابل 300 دولار بالشهر لم نحظ بفرصة العمل بعد واضطررنا لدفع  الأجرة من المال الذي ادخرناه في سورية، رحلة  البحث عن عمل كانت شاقة جداً  فلم أوفق في البداية سوى بأن أقوم بتنظيف كميات كبيرة  من الخضار وتقطيعها ومن ثم فرزها بأكياس  وإيصالها لصاحب الرزق في اليوم التالي مقابل   75 دولار في الشهر، لأعمل بعدها في رعاية الأطفال مقابل 200 دولار تعرضت خلالها للعديد من الإهانات من أمهات  الأطفال مع العلم أنني مثقفة وخريجة تجارة واقتصاد ومع ذلك لم أعامل سوى معاملة الجاهلة الأمية التي لا تفقه شيئاً."

 تضيف «هناء» وهي لاجئة سورية في لبنان منذ 5 سنوات: "لم تكن السنوات التي قضيتها في لبنان مجرد رقم، بل ما مررت به كان يجعلني أشعر أن الثانية الواحدة هي سنة بحد ذاتها، تركت سورية أنا وطفلي الصغير الذي ولد قبل عدة أشهر من استشهاد زوجي، عملت في مزرعة أبقار في مجال تنظيف الحظائر مقابل 100 دولار بالشهر بالإضافة للسكن، كانت ظروف العمل مجهدة جداً وأنا أم لطفل لا يتجاوز السنتين من عمره، تم طردي لمعرفة صاحب المزرعة أنني قمت بأخذ ليتر واحد من الحليب من أجل طفلي وكل أشكال الرجاء لم تكن كافية لمسامحتي وإعادتي إلى عملي، نمت ثلاثة أيام أنا وطفلي في إحدى الأبنية المهجورة التي لم يكتمل عمارها بعد، وعلى ما يبدو هناك من أخبر صاحب هذا العمارة أنني أنام فيها ليأتي إلي ويهددني بالسجن ويتهمني بسرقة بعضاً من مواد البناء، رجوته كثيراً أن يرثى لحالي وحال طفلي وبعد عناء وافق أن أنام ليلة إضافية وأترك المكان في الصباح التالي، وخلال السنوات الخمس وحتى وصولي لليوم هذا لم يبق هناك نوع من أنواع الظلم والتحقير إلا ومررت به ولم تكن خيارات العمل عندي واسعة بحكم أنني لا أحمل سوى شهادة الابتدائية.

طفولة سورية تسقط أمام لقمة العيش
لم تسلم الطفولة السورية من براثن الحرب ورحلة الهجرة واللجوء، ولم تكن تعلم «ربى» أن ملامحها البريئة لن تشفع لها أمام غطرسة الشهوة، فابنة ال 16 عاماً قد اغتصبت لمدة أربعة أشهر من صاحب المنزل الذي تسكنه هي وأخوتها الصغار وجدتها. تقول ربى: "في بداية قدومنا إلى لبنان كنا نقيم عند أحد أقرباء جدتي وهم مهجرون أيضاً، إلا أنهم فيما بعد أظهروا عدم تقبلنا مما دفعنا للبحث على منزل للسكن، أحد السماسرة العقاريين وهو شاب عشريني أظهر تعاطفه الشديد معنا وأمن لنا منزلًا ادعى أنه منزله ولا يريد أن يأخذ المال حتى يصبح لدي عمل، وعرض عليّ أن أعمل عنده في المكتب مقابل 350 دولار في الشهر عدا عن المكافآت، كل شيء إلى هنا كان يبدو جيداً إلى أن قام في أحد الأيام بمضايقتي والتحرش بي وعندما تمنعت طلب مني إخلاء المنزل فوراً وهو يعلم حق العلم أن كل ما اتقاضاه يذهب ما بين مصروف وأجرة المنزل ومصروف الدواء لجدتي فكيف لي أن أترك المنزل وأبحث عن منزل آخر، وليبسط لي الفكرة أوهمني أنه سيتزوجني وأنني فتاة أحلامه فلم أصمد طويلًا حتى وافقت وكان كل يومين أو ثلاثة يمارس معي الرذيلة بطرق غير شرعية، يهددني إن تراجعت لن يتزوجني وسيطردني أنا وعائلتي ويرمي أغراضنا في الشارع واستمر هذا الحال أربعة أشهر إلى أن تم وضعه في السجن بتهمة تزوير عقود بيع وهمية، واليوم أنا أعمل في ورشة خياطة نسائية 9 ساعات دوام مقابل 400 دولار شهرياً.

أما "سيدرا" ابنة ال 17 عاماً لم يكن حالها أفضل فهي الأخرى تعرضت للتحرش الجنسي من صاحب العمل، تقول سيدرا: "كنت أعمل في معمل لتغليف الحبوب، مرات عدة التفت لأرى صاحب المعمل ينظر لي بطريقة غريبة نوعاً ما حتى وصل الأمر للتحرش بي، وعندما رفضت هددني بالطرد وبافتعال المشاكل لعائلتي وخاصة أن أخي مطلوب مما يجعله دائم الغياب عن المنزل وقيامي أنا بإعالة أسرتي، وعندما كثرت المضايقات اضطررت لترك العمل وبيع المناديل الورقية في الشوارع للسيارات وللمارة، وحتى في هذا العمل لم أسلم من التحرش والأذى خاصة عندما يعلمون أنني سورية عدا عن الألفاظ النابية والجارحة كجملة سمعتها مراراً (انت سورية يعني انت وسخة ورخيصة فليش عم تتشرفي) وجمل كثيرة من هذا النوع."

وفي سياق مشابه كانت قد وثقت منظمة «هيومن رايتس واتش» عدة حالات للدعارة القسرية في لبنان تتعرض لها اللاجئات السوريات، وذكرت إحدى تقارير المنظمة أن هناك فتيات سوريات تعرضن لعنف جنسي بينهن دون سن الثامنة عشرة، وإجبارهن على الأفعال غير الأخلاقية من قبل أرباب العمل مستغلين ظروف اللجوء الصعبة والوضع المادي المتردي في ظل الأجور الضئيلة وساعات الدوام الطويلة.

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر