"عصام أنبوبا" لا صناعة ناجحة دون قوانين محفزة (فيديو)

"عصام أنبوبا" لا صناعة ناجحة دون قوانين محفزة (فيديو)

دمشق - أسرة المشهد
قاد المستثمر والصناعي السوري عصام انبوبا استثمارات صناعية متنوعة شكّلت نموذجاً رائداً بعد انطلاق القرار رقم 10 وكان من أوائل العائدين إلى البلد بعد صدور هذا القانون، ليأخذ دوره الريادي في تطوير قطاع صناعي قوي قادر على المنافسة ويعتمد على طاقات البلد وإمكاناته الكامنة.

كانت الصناعة السورية في الثمانينيات ضعيفة وهامشية وتقتصر على مصانع للعلكة والشيبس، وسرعان ما توسع القطاع الصناعي وتنوع خلال عشر سنوات ليصل عدد المصانع إلى 43 مصنعاً تنوعت بين مصانع للخيوط والزيوت والأغذية ودرفلة الحديد والمواد الاستهلاكية ومستلزمات مواد البناء، فقد وصلت طاقة مصانع انبوبا التصديرية لوحدها قبل الأزمة في 2011 إلى 120 مليون دولار سنوياً، يقول انبوبا: "أنا كرجل صناعي ومستثمر جربت كل المراحل في سورية، وكنت من أوائل العائدين لإطلاق مشاريع صناعية بعد صدور القانون رقم 10، في التسعينات، وحملت تلك الفترة بداية لأهم التجارب الصناعية في سورية. 

عصام أنبوبا إبن مدينة حمص برع في كل مجالات الصناعة والتجارة والسياحة أكمل رجل الأعمال مرحلته الثانوية في اللاذقية بعد أن انتقل مع عائلته إلى هذه المحافظة، ليستكمل دراسة هندسة البترول في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل بعد تخرجه في شركة خاصة أرسلته إلى أبو ظبي للعمل، فأسس شركته الخاصة وعاد عام 1991 إلى سورية.

صناعة وقيمة مضافة
بدأت رحلته الصناعية مع مشروع خمس نجوم للمرطبات والعصائر الطبيعية، يقول: "شكل هذا المشروع بداية نجاحاتي الصناعية في الثمانينيات، ثم بعدها وفي ظل القانون رقم 10 أسست باكورة أعمالي بإقامة أكبر مصنع للزيوت في الشرق الأوسط يعتمد على بذرة الصويا، كما طورنا أعمالنا فيما بعد وأضفنا خطوط تكرير وهدرجة وصناعة صموغ، كما تم العمل أيضاً على إقامة منشآت لها علاقة بمصانعنا فأسسنا مصنع للطباعة والتغليف المعدني في منطقة حسياء الصناعية. إن توجهي في كل عمل انخرطت فيه كان بهدف تكوّين قيمة مضافة للصناعة التي أديرها، فتلمست احتياجات البيئة الصناعية المحلية وإيجاد أفضل الحلول لمواصلة العمل بدون معوقات، وكنت أعلم أنني من خلال ذلك أعزز مشاريعي وأجعلها أكثر قوة، على سبيل المثال أسست مصنع لتصنيع العبوات المعدنية التي نضع بداخلها الزيوت، بهدف تقليل التكلفة بدلاً من الاستيراد وقد وفرت في تلك العملية بين 5 إلى 6 ليرات في كل عبوة، هذا بالإضافة إلى استثماري في أعمال أكبر، فأسست مصنع الالكيدات الخاص بالدهانات وهو منتج يشكل قيمة مضافة لمصنع الزيوت باعتبار الالكيدات من مكونات العناصر الناتجة عن تصنيع الزيوت."

3 مليون يورو لمصنع بلوك حمص
أولاده ساعدوه بتطوير وتوسيع أعماله، يقول انبوبا: "وجود أولادي ساعدني على توسيع أعمالي، لدي ثلاثة أبناء انخرطوا في سوق العمل، أحدهم يعمل في قطاع البناء وأسس منشآه خاصة في حسياء حملت اسم «كليكو» لصناعة القرميد والآجر، بالإضافة إلى منشأتين تختص إحداهما في صناعة القرميد والأخرى في البلوك المعماري، حيث بلغت قيمة الاستثمار 23 مليون يورو بين معدات وآليات تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وقد تضررت هذه المصانع خلال الأزمة، وحالياً هناك مصنع واحد في الخدمة، والآخر بانتظار مرحلة إعادة الاعمار كي نستطيع تأمين المواد الأولية، متابعاً هناك أيضاً مصنع لتصنيع المواد الكيماوية، لدينا حالياً أربع منشآت في حسياء بالإضافة إلى منشاة الزيت."

 في الحرب تضررت الشراكات العربية ولم تتوقف
لم يتوقف انبوبا عند حدود افتتاحه لمصانع واستثمارات بتمويله الخاص، توجه أيضاً إلى التعاون مع شركات أخرى منها الشركة المتحدة للإسمنت، يقول: " كنا من أوائل المؤسسين، ولدينا شريك إماراتي هو مجموعة الغرير وقد زادت حصته في المعمل ووصلت إلى نسبة 60 %، خلال الأزمة، وبعد أن توقف المعمل لفترة تم وضع خطة لإعادة تشغيله، وخاصة أنه يملك طاقة إنتاجية تصل إلى 650 طن إسمنت في اليوم.»
يتابع أنبوبا: ”أما بالنسبة لبقية استثماراتي التي كانت بمثابة نقلة نوعية أيضاً أذكر العديد من المنشآت في حمص تمتد على مساحة 120 دونماً، وقد عملت على أن تكون متميزة ونحن كنا الوحيدين الذين أدخلوا سكة القطار إلى ساحة المعمل، حيث تنطلق المنتجات من المصنع عبر الخط الحديدي إلى العديد من المحافظات والمرافئ، كما عملنا سابقاً على مد خط السكة الحديدية إلى بغداد وكان ينقصنا 20 كم من السكة للوصل إلى العاصمة العراقية، ولكنها توقفت بسبب الأزمة التي مرت على سورية، كل ذلك كي نسهل عملية نقل البضائع وتخفيف الضغط عن الطرق، وقد ساعدتنا وزارة النقل في تلك الفترة، لإنجاز هذا المشروع”
 وعن وضع السكك الحديدية خلال الأزمة قال أنبوبا أنها تضررت كثيراً في المنطقة بين طرطوس وحمص، لكن بعد عودة الأمان عدنا إلى ترميم السكك المتضررة واليوم ننقل 90 % من بضائعنا إلى طرطوس وحمص بالاعتماد على السكك الحديدية”

 


طالته العقوبات الأوروبية
قطاع الصناعة ورجال الأعمال كان كغيره من الجوانب التي طالتها يد الحرب من جميع النواحي، وهناك رجال أعمال استهدفت أموالهم وأنشطتهم عبر فرض عقوبات تقيد حركة هذه الأموال عالمياً، وقد كان رجل الأعمال عصام أنبوبا من أبرز الشخصيات التي فرضت عليها عقوبات أوروبية، وهو ما تحدث عنه بتهكم قائلاً: "لم أجعل من هذه العقوبات حجر عثرة يقف في طريقي. بل حاولت أن أجد طريقاً قانونياً، لتفادي العقوبات ومحاولة إلغائها، فقد كانت مجحفة وتستهدف قطاع الأغذية والبناء، لكنني لم أنجح في إلغاء هذه العقوبات.
 استهدفت مشاريعه الصناعية خلال الأزمة
يقول أنبوبا: "مع اشتداد الحرب على سورية، زاد استهداف الإرهابيين لمصانعي في مدينة حمص، خاصة في منطقة القصير في حمص فقد كانت نقطة ساخنة في الأحداث ومنطقة خطوط تماس، حيث تعرض مصنع الزيت لتفجير في قسم المراجل، واستشهد عاملان من عمال المصنع كما تم خطف موظفين أيضاً، هذا بالإضافة إلى السرقات الكبيرة التي تعرض لها المصنع، رغم كل ذلك لم نتوقف يوماً عن التصنيع ولم تنقطع السلع التي ننتجها.
 هذا على صعيد المصانع أما على صعيد التصدير، فأشار انبوبا أن حجم السلع المصدرة يصل قبل الأزمة إلى حدود 120 مليون دولار في السنة تشمل الزيوت والأعلاف إلى الأردن ولبنان والعراق، فيما اختلف الوضع وتقلصت الطاقة الانتاجية إلى أكثر من النصف بعد بدء الحرب، "على الرغم من ذلك لم نتوقف عن العمل وحافظنا على الإنتاج حسب حاجة السوق المحلية فقط.
شريك ومؤسس في شام القابضة
بالعودة للحديث عن شراكات أنبوبا لابد من التنويه إلى شراكته مع شركة الشام القابضة وقال عن هذه التجربة: "كنت من المؤسسين فقد كانت فكرة هذه الشركة رائدة جداً عند تأسيسها في مرحلة تميزت فيها البلد بفسحة من التطور والانفتاح الاقتصادي، حيث ساهمت مجمل القوانين التي سنت في تلك الفترة بنهوض شام القابضة، وقد تميزت الاستثمارات والمشاريع بضخامتها مما استدعى اجتذاب رؤوس أموال أكبر فسارعت الشركة لاحتضان مجموعة مميزة من رجال الأعمال ذوي الخبرة والمقدرة المالية، حضنتها هذه الشركة عبر اتحاد مجموعة من 73 رجل أعمال، كما قلت كنت أحد المؤسسين وضمن مجلس الإدارة بحصة بلغت قيمتها 100 مليون ليرة سورية، وقد ابتعدت عن الإدارة لبضع سنوات خلال الأزمة بسبب العقوبات، لكن اليوم عدت عن طريق الانتخابات."

حقل تجارب للاستثمار
"وجهت انتقادات كثيرة لطريقة الاستثمار في سورية من قبل رجال أعمال وأوساط اقتصادية، لكن معظم هذه الانتقادات كانت ذات منشأ سياسي، وأكبر دليل على ذلك هو وجودي في سورية منذ التسعينات، فقد كنت حقل تجارب لتطبيق قانون الاستثمار والكثير من المشاريع في بداية النهوض الاقتصادي، وواجهت الكثير من الصعوبات لكنني تجاوزتها، من يريد العمل لديه كل السبل وعليه أن لا يقف عند محسوبيات أو عقبات هنا أو هناك، مضيفاً عندما بدأت بالاستثمار في سورية لم يكن هناك سوى عدد قليل من المصانع البسيطة كالعلكة والشيبس، بعدها أصبح هناك نقلة نوعية حتى عام 2011 بسبب الاستراتيجية الصناعية الموضوعة، وأصبح لدينا خلال عشرة أعوام 43 معملاً تنوعت بين الزيوت ومصانع الغزل والنسيج والخيوط الذي كان من أوائل المصانع في سورية الذي يصدر إلى الخارج، وكل ذلك بفضل التشريعات الاقتصادية التي شجعت الصناعيين والمستثمرين في تلك الفترة على المخاطرة والهجرة العكسية إلى سورية.

خطأ العودة إلى القانون رقم 8
يحتاج كل مستثمر أو صناعي إلى قوانين ومناخ للعمل وظروف تساعده على الاستمرار، وهو ما كان يؤمنه قانون الاستثمار رقم 10 الذي وضع حوافز شجعت المستثمرين، يشدد انبوبا على أن إلغاء العمل بالقانون رقم 10 كان خطأً استراتيجياً ويرى أن التوجه إلى القانون رقم 8 قاد إلى أزمة كبيرة على الجميع، فتطوير الوضع الاقتصادي لن يكون فقط عن طريق الإعفاء الضريبي للمستثمرين، فالمستثمرون بحاجة إلى مناخ وبيئة ملائمين، هناك مثل عامي يقول "ما في قط بيهرب من عرس." "على الحكومة تبني وتشجيع وطرح قوانين مناسبة وهي كفيلة باجتذاب رأس المال الصناعي الذي نحن بحاجة إليه، نحتاج إلى أوزان ثقيلة من المشرعين والاقتصاديين استطاعت سورية عبر ثمانِ سنوات أن تتجاوز أشرس حرب عرفها التاريخ سياسياً، لو استطعنا بالمقابل تحقيق إنجاز اقتصادي مماثل وبنفس الحجم تخيل كيف كان دور سورية؟" يؤكد عصام انبوبا: "نحن اليوم للأسف ودعنا نتكلم بكل شفافية ومحبة لو كان لدينا قرارات اقتصادية تساعد على تجاوز هذه الأزمة والمضي بالنجاحات مع القطاعات الأخرى كانت سورية ستصبح في مصاف الدول الكبرى، ولدينا تجربة ونموذج ناجح عام 2005، لذا نحتاج قرارات اقتصادية تتبناها وتُسهم في وضعها مجموعة من رجال الأعمال والاقتصاديين من الوزن الثقيل تبني وتشرع وتضع خطط استراتيجية طويلة الأجل."

وعن خريطة العمل المناسبة تحدث انبوبا إلى ضرورة وضع خطط سنوية لكل قطاع من قطاعات العمل وخلق فرص عمل ونمو مستدام "كما أننا بحاجة إلى قوانين عمل عادلة، تحمي العامل ورب العمل والمستثمر الجديد، هذا كله بحاجة وفقاً لأنبوبا إلى أن يكون صاحب القرار على دراية بالوضع الاقتصادي ومشاكله وعلى دراية باحتياجات البلد ومصلحتها على المدى الطويل، وأن يبتعد عن مصالحة الشخصية، وعليه أقترح تشكيل لوبيات وتجمعات فقط تخص كل قطاع من القطاعات الاقتصادية، تدافع عن مصالح هذه القطاعات وتتبنى تفعيل دورها واستمرار توسعها.
ويضيف: "سورية كدولة لا تعتمد على النفط أو الثروات الباطنية بل تتميز قوتها بالخبرات واليد العاملة النشطة والخبيرة، لذا يجب أن «نحوّل عرق الجبين إلى ثروات،» أي استثمار قوتنا العاملة الخبيرة في تطوير الإمكانات الموجودة، وهذا بحد ذاته قوة مضافة للاقتصاد الوطني، من هنا يكون دور المشرع وصاحب القرار الاقتصادي رسم سياسة اقتصادية تؤدي إلى زيادة النمو والاعتماد على الذات.

اقتصاد السوق الاجتماعي
"عام 2005 أصدرت القيادة القطرية قراراً بالتوجه إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وهي خطوة جبارة، أنا كنت مع هذه التجربة لأنه كان من الصعب أن ننتقل من الاقتصاد الموجه الذي كان متجذراً إلى اقتصاد السوق دفعة واحدة، وقد ساهم هذا القانون بالحد من ارتفاع الأسعار، وضبط الأسواق، وتحقيق مصلحة الشرائح الأوسع من المجتمع. وأنا اليوم مع تعميم هذا التوجه الاقتصادي.
دور الفساد بإعاقة النمو

"رغم أن الفساد هو آفة العصر وأصبح عائقا أساسيا ً في البلد إلا أن معالجة ً الفساد ليست صعبة، ولدينا تجربة سابقة في محافظة حمص، حيث تم تطبيق قرارات خدمية تبعد الوسطاء عن أي دور كما تم تبني نظام النافذة الواحدة، حيث أصبح بإمكان اي مستثمر او مراجع حل جميع مشاكلة من نافذة خدمة واحدة، وأنا أدعو إلى تطبيق تقنيات وأتمتة القطاع الخدمي فهذا يخفف الفساد والمحسوبيات.

الجزء الأول من اللقاء:
 

 

الجزء الثاني من اللقاء:
 

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر