مشاريع حكومية أم مشاريع أشخاص ومتنفذين

مشاريع حكومية أم مشاريع أشخاص ومتنفذين

كل شيء في سورية لا يبشر أننا نتبع سياسة اقتصادية صحيحة، وعلى ذلك فالخروج من الأزمة ليس قريباً.
في هذا العالم الواسع وفي الدول التي تحترم تاريخها ومستقبلها ومواطنيها تُقام المشاريع بما ينسجم مع خطط الحكومة التي تهدف تعظيم الانتاج أو إطلاق مشاريع خدمية يستفيد منها المواطن، تطلق المشاريع وتعد الخطط على قياس الدولة واحتياجاتها وليس على مقاس الأفراد، بعيداً عن المحسوبيات والمحاصصة والنفوذ.

نحن في سورية وعلى الرغم من حاجتنا الماسة لكل جهد فردي أو جماعي لتجاوز مرحلة الحرب ومواجهة الحصار، إلا أننا نمشي إلى الخلف مع سابق تصّور وتصميم، كل شيء يحدث وكل خطة توضع تفصّل لمصلحة أشخاص وليس لمصلحة الحكومة أو المواطن، وهنا يبرز السؤال الأهم،  لماذا تصر الحكومة على إفادة أشخاص محددين على حساب الوطن والمواطن؟  لماذا تسمح الحكومة لأشخاص  بالاستفادة وتحرم نفسها ومواطنيها، لمصلحة من ؟  هذا السؤال يُحير أي متابع محلي أو خارجي يتابع ما يجري عندنا.
لماذا لا تسمح الحكومة بالمبادرات الفردية لأصحاب أموال لديهم خطط  ومشاريع إلا إذا أخذ هؤلاء الرضى وإذن المرور من بعض ذوي الشأن والنفوذ؟
في استعراض سريع لأي أخبار عن مشاريع  يجري الحديث عنها على شاشات التلفزيون  أو على وسائل التواصل الاجتماعي أو على شكل شائعة يتداولها الجمهور، هناك دائما مادة دسمة للحديث عن رائحة فساد ومحسوبيات في إطلاق مشاريع  تقام يستفيد منها أشخاص محددين، بغض النظر عن درجة الفائدة التي  يقدمها هذا المشروع للحكومة والمواطنين.
صرنا نخاف من أي مشروع يروّج له، نخاف أن لا يكون لمصلحة الوطن والمواطن.
 جاؤوا بمشروع البطاقة الذكية على أنها حلالة المشاكل ومانعة الفساد، واكتشفنا أنها تسبب المشاكل وتزيد الفساد، ومع ذلك مازلنا بانتظار المزيد من البطاقات الذكية، هناك من طرح مشروع البطاقة ليستفيد على قياسه هو أولاً، أما ما سببته من فوضى وتعب وتطبيق سيء فقد كان من نصيب المواطن والحكومة المواطن لأن البطاقة زادت مشاكله ومعاناته والدولة لأنها تلقت النقد واللوم ومازالت
على بطاقة سرقت المواطن وستبقى تسرقه على الملأ وبكل وقاحة والشاطر يحكي.
قصص المواطنين الذين عانوا من سلبيات وأخطاء البطاقة لا تعد ولا تحصى والشاطر كمان يشتكي ولمن؟
لو ذكرنا أي مشروع خدمي أو عقاري أو حتى أي حل طرحته الحكومة، سنرى أن هناك من جهز نفسه سلفاً وبكل ثقة ليقطفه جاهزا خالصاً، مشروع ماروتا سيتي، لمن ومن المستفيد لقد كان  كلمة حق أريد بها أن تُجيير لصالح فئة وأشخاص محددين، حتى لو أصابت قطرات طائشة بعض المواطنين، عشرا المشاريع المماثلة أقيمت بنفس الطريقة وكان مردودها وبالاً على الوطن.
 ماذا عن قصة الجمارك الشهيرة التي أُطلقت لتستفيد الدولة ولتكافح التهريب، وبدلاً من مكافحة المهرب الرئيسي تمت معاقبة من اشترى السلع بفواتير نظامية بحجة أنها مهربة، من استفاد من هذه الحملة المسبقة التدبير، وكيف أثرت سلبا على الأسواق والمواطن، وطبعاً كل ظلم وكل شكوى  تسبب به سلوك الجمارك ذهب أدراج الرياح.

وماذا عن مشروع زيادة أسعار المحروقات وهو مشروع عادي ويمكن أن يحدث في كل مكان ولكنه فُصل ونفذ عندنا  ليستفيد منه الأشخاص أنفسهم، أيضاً نحن أمام مصير مجهول لمصانع القطاع العام  فهؤلاء الأشخاص أنفسهم  يريدون تفشيل هذا القطاع .
وهذا ما حصل وما سيحصل، وعلى ذكر القطاع العام وكمثال، كنا نملك معملاً للزجاج على مستوى الشرق الأوسط، تأثر هذا المصنع  أثناء الحرب وتراجع انتاجه وأثناء الحرب  سُمح لمشروع خاص أن ينطلق وتم إهمال المشروع الوطني، نحن على أبواب خصخصة غير محمودة العواقب يتم من  خلالها القضاء على انجازات القطاع المشترك الكبيرة التي ساهمت بقوة الاقتصاد الوطني لفترة طويلة.  
 كلنا سمعنا عن مصانع سيارات أو مصانع تجميع سيارات وفصلت قوانين على مقاس من تنطحوا لهذه المسؤولية الذين قالوا أنهم سيصنعون سيارات وأخذوا امتيازات حكومية وقروض وإعفاءات وحوافز باعتبار أن ما سيقومون به صناعة انتاجية’ وتبين فيما بعد أنها مشاريع تجميع ونفخ على رأي بعض رجال الأعمال المنافسين، حيث سُمح ايضاً لنفس الأشخاص  باستيراد السيارات أو أنواع محددة من السيارات، ويسيطر على هذا القطاع نفس الأشخاص، ليصبح على أيديهم حلم اقتناء سيارة مستحيلاً .

لا توجد رؤية حكومية لدعم قروض لشراء سيارة ولا توجد رؤية حكومية لإقراض الإنتاج الصغير إلا لمن ندر، وتُهمل وتتعطل مبادرات المواطنين، على حين أن  لدينا (0 400 مليار ليرة) خارج القنوات المصرفية الرسمية بأيدي الناس، وطبعا بأيدي 5% من الناس و3000 مليار موجودة كودائع مصرفية غير موظفة).
 لمصلحة من تحييد كتلة النقد الهائلة هذه بالنسبة لبلد خارج من حرب ضروس ولديه مهام اعمار مستحيلة، ولماذا يتبع المركزي سياسة  أسعار صرف  ترفع الفرق بين السوق الرسمية والسوق الموازية قرابة النصف، لمصلحة من؟  ولماذا تفشل سياسات  المركزي المصرفية في وقت نحن أحوج لسياسات مصرفية كفؤة، ولماذا يفشل المركزي فشلاً ذريعا في جذب العملة الصعبة من السوق؟ كل ذلك لمصلحة أشخاص،  من غير المنطق أننا لا نملك كفاءات مصرفية تعطي البلد حلولاً أفضل تنعكس إيجابا على الحكومة وعلى المواطن وعلى قطاعات الانتاج، ولكن يبدو أن هناك لوبيات تمنع ذلك.

ماذا عن القروض المفصّلة على قياس أشخاص يملكون أكثر ما تملكه البنوك، نحن هنا لسنا ضد أن تربح البنوك وأن تفصّل منتجات مصرفية وتطلقها لتحقيق الربح، ولكن بالمقابل فللبنوك دور تنموي ودور اجتماعي، كانت البنوك الألمانية قاطرة للنمو في ألمانيا بعد الحرب من خلا دعم المشاريع الصغيرة، دعم الصناعي الصغير والمزارع الصغير والتاجر الصغير والمواطن أمر لا غنى عنه حتى تتحرك دورة رأس المال وتتحرك كتلة النقد بما يفيد وينمي الاقتصاد.
اسئلة كثيرة وتساؤلات تقودنا إلى حقيقة مؤسفة بأن هناك من يدفع باقتصاد البلد ومصلحة البلد إلى الهاوية.
والسؤال الأهم، لماذا ليس لدينا من يفكر في مصلحة الوطن؟

 
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر