قبل أن تتحول العشوائيات في حلب لمقابر جماعية

قبل أن تتحول العشوائيات في حلب لمقابر جماعية

حلب ـ  مصطفى رستم
لا يمكن أن تتخيل كيف يقطن هذه الأبنية المدمرة أصحابها من جديد، واجهاتها شبه المدمرة تشي بمعارك طاحنة دارت على أرض تقع على خطوط التماس، تدقق النظر جيداً على نوافذها المحطمة لتبصر من خلال إحدى النوافذ غرفة محترقة هناك، وتلقي بنظرك على شرفاتها ليصادفك بيت بدون شرفة حتى !!.
 يتحايل القاطنون على عبء الدمار الكبير بشي من الأحجار والاسمنت ليعيدوا من جديد ترميم بيوتهم، ولو كانت جدرانا مهدمة، تبقى أحب لقلبهم من أي بيت أخر، يسعى القاطنون في هذه الأبنية المهدمة والعائدون بعد التهجير، ورحلة النزوح أن يعودوا لمنازلهم ولو كانت جدراناً بلا أسقف، يريدون بعودتهم لها أن يشطبوا من قاموس حياتهم كلمة نازح أو مهجر.
 هي الحياة بصخبها أصوات أطفال يلعبون في ساحة الحي متنقلين بين أكوام الحجارة والحطام، والملابس المعلقة على (حبل الغسيل) الممدودة هنا وهناك على واجهات هذه الأبنية تعيد للحي الحياة، والنبض من جديد في حين لا يعلم هؤلاء رغم فرحهم بعودتهم لبيوتهم ماذا يجري تحت تلك الأبنية الأخطر على حياتهم.

عوامل الدمار:
تتهاوى الأبنية المدمرة بناءا تلو البناء الآخر في مدينة الشهباء بهذا الشتاء البارد على أهلها، ولم تكن حتى أزمات الغاز والمازوت التي عاشتها حلب وكل المحافظات السورية من الأزمات التي تُذكر أمام المصائب التي تنهال على رؤوس أصحاب هذه الأبنية لتستنفر معها كل الأجهزة الحكومية للخروج بحل بعد سقوط ضحايا وليعقد مجلس المدينة اجتماعاً استثنائياً لمعالجة هذه الإشكالية ووضع الحلول المناسبة.

ورغم أن عمر مجلس المدينة أشهر بعد انتخابه مؤخراً فإنه يواجه تحدٍ كبير وهو أمام مشكلة إنسانية والحلول (أحلاها مرّ) !!  لكن الحفاظ على حياة الناس مهما كان الثمن هو أسلم الحلول وأنجعها ويوضح الدكتور المهندس "معد مدلجي" رئيس مجلس مدينة حلب أن العديد من العوامل لعبت في سلسلة الانهيارات التي تحصل للأبنية ومنها وجود وقوع هذه الأبنية على خطوط تماس.
 بالإضافة إلى أن بناءها بالأصل على أساسات غير ملائمة هندسياً، وأغلبها عشوائية على كهوف وكروم، عدا شبكة الصرف الصحي والمياه العذبة وعمرها 40 عاماً قديمة ومهترئة وشهدت قبل الأحداث فاقد ما نسبته 3% مما ترك أثاراً سلبية اجتمعت جميعها لتشكل تهديداً على اساسات الأبنية ومن ثم انهيارها، أو تهدد ما تبقى من الأبنية التي عاجلاً أم أجلا ستقع.

خطط إسعافية
مناطق السكن العشوائي ستكون مقابر جماعية في حال لم توضع خطط إسعافية في مناطق شبه مدمرة، عاد السكان ليقطنوها بعد انتهاء الحرب بعد أن كانوا مهجرين ونازحين لتستفيق حلب هذا الفصل على سلسلة من الانهيارات لأبنية لم يكن قاطنوها بداخلها.
 لكن الحادثة الأكثر مأساوية هي سقوط 11 شخصاً ضحايا انهيار بناء في حي شعبي يطلق عليه "صلاح الدين" وفارق الحياة الناجي الأخير بعد اسعافه للمشفى بأيام ليشير عضو المكتب التنفيذي في محافظة حلب "كميت عاصي الشيخ" عن المنظومة الإسعافية بقوله "المهم إنقاذ السكان لأنها مسؤولية أخلاقية والتزام وطني والمكتب التنفيذي في حالة استنفار لهذا الغرض".
 ومن هذا المنطلق تحركت الجهات المعنية منها المجالس التنفيذية للمحافظة والمدينة لإيجاد الحلول التي تكفل الحفاظ على العائلات القاطنة ويقول الدكتور "مدلجي" رئيس مجلس المدينة: "الأبنية الأشد خطورة على السكان تتوزع على قطاعات المدينة ومن أخطرها قاضي عسكر، باب النيرب، الأنصاري، سليمانية، بستان الباشا، وجزء من مركز المدينة وجرى إحصاء لأبنية خطرة وآيلة للسقوط وضع عليها إشارة حمراء وسيجري إخلاء 4 آلاف عائلة إلى مراكز إيواء يتم تجهيزها لهم في مناطق هنانو وجبرين".


جلد الذات
من جانبهم تحدث عدد من أعضاء مجلس مدينة حلب بقولهم إنه لا يجب أن نجلد الذات لما يحدث من انهيارات فهي أبنية مخالفة منذ عقود لم يكونوا وقتها أعضاء في مجلس البلدية لكنه من الممكن أن يقدموا على تطبيقات وحلول إسعافية تهدف للتحرك، ورفع الخطر عن الأبنية الأشد خطورة.
وعلى الضفة المقابلة يستجيب السكان في مناطق الخطر بدرجة 10% بحسب تقديرات بلدية حلب التي تنهمك عبر مدراء الدوائر الخدمية لإخلاء فوري وسريع بدأ وسيستمر على مدار أسبوعين بمؤازرة من أجهزة الدولة القضائية والشرطة والمحافظة بما يحقق السلامة لأرواح العائلات وتوفير المكان المناسب الجديد (الإيواء) ويقول "حسن كعكة" عضو مجلس مدينة: "أنه لابد من الطلب بشكل مركزي وإعلانها كارثة، وإشراك مؤسسة الإسكان لتأمين البيوت للعائلات لأنه مهما امتلك مجلس المدينة من صلاحيات إلا أن عمله ينحصر بالخدمات أكثر للمواطنين".
من جانبه يشير رئيس مجلس مدينة حلب الدكتور معد مدلجي أن نسبة مناطق المخالفات في مدينة حلب تبلغ 40 % من مساحة المدينة وليكشف عن مجموعة خطط منها الاسعافية ومتوسطة الأجل وطويلة الأجل وأبرز هذه الخطط أن الوضع الحالي في المستقبل لن يكون كما هو عليه الأن من عشوائيات ومناطق مخالفة، والحلول موجود بحسب رئيس البلدية لكنها ستحتاج لبعض الوقت لافت النظر إل الإسراع بالمخطط التفصيلي.

على الهامش
ـ أبرز المساكن والأبنية الخطرة تقع في أحياء (صلاح الدين والأنصاري والشعار وسد اللوز والفردوس والصالحين)، ويصل عددها إلى نحو 10 آلاف بناء.
ـ قرار الإخلاء يبعد خطر الموت عن الأهالي وينقل العائلات للعيش في مراكز إيواء مجهزة لهم.
ـ القانون يحمي أصحاب البيوت في مراكز الإيواء في حال مطالبة صاحب البيت في مركز الايواء بشقته السكنية وعلى الجهات المعنية تأمين البديل.
ـ الإيواء سيكون لمدة (6) أشهر قابلة للتمديد.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني