المنظمات الدولية المعونة من عندهم وعدم الإنسانية من عندنا!!!

المنظمات الدولية المعونة من عندهم وعدم الإنسانية من عندنا!!!

حمص - خاص

لئن كانت "الإنسانية" صفة أساسية لصيقة بالمساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية إلى الأسر السورية المحتاجة، _هذا في الشكل العام_ ذلك أن صفاتاً أخرى لحقت بالعاملين في المجال الإغاثي، فالميول الشخصية، والصداقات، والمعرفة، كلٌ لها نصيب من "إنسانية" هذه المساعدات، ناهيك عن حالات المتاجرة التي انكشف الكثير منها سابقاً.
تغيَّر المشهد في الآونة الأخيرة بعد التخفيضات التي طرأت على أعداد المستفيدين، وكمية المساعدات، إذ بات صعباً على الكثير من الأسر الحصول عليها، والبعض الآخر تم حرمانهم نهائياً، والحجة لدى المنظمات الدولية المانحة هي أنَّ سورية دخلت مرحلة التعافي من الإرهاب، وهذا الكلام لا يخلو من الصحة حقيقةً _وإن كان على المستوى الأمني_، لكنه في ذات السياق لا يُلغي حقيقة أنَّ العوائل التي تعيش حد خط الفقر، أو أدنى منه، موجودة ضمن الواقع الحياتي في سورية وبقوة، ذلك أن الأزمات المتلاحقة من ضعف شديد في موارد المعيشة، وقلة المداخيل، جعلت المواطن السوري متشبثاً، بالحصول على المعونات، وإن كانت آلية الظفر بها تطال شيئاً من كرامته.     
المعونة من عندهم .... والإنسانية من عندنا
بحسب أحد العاملين في المجال الإغاثي فإنَّ عمل المنظمات الدولية المانحة يتوقف عند حد التوزيع على الجمعيات الخيرية، والأهلية، والتوجيه بإغاثة المناطق "المنكوبة" على خارطتها الإغاثية تلك التي أجُبر أهلها على التهجير، وفقدوا منازلهم، وموارد رزقهم، أما الجمعيات فتأخذ على عاتقها مهمة التوزيع، وهي لا تستطيع في أفضل الظروف إلا حرمان بعض المستفيدين، في حال ثبُت قيامهم ببيع ما يقومون باستلامه.
حضرت "المشهد" خلال جولتها على بعض المحال التي تقوم بشراء حصص المساعدات وبيعها، "عملية بيع" قوامها رجل ستيني أعطى حصته كاملة لصاحب دكان بمبلغ وقدره عشرة آلاف ليرة سورية، لكن المواد الإغاثية الموجودة ضمن المحل توحي بوجود سوق كبير للتداول.  
والواضح أنَّ هناك جهات شبه سرية تقوم بتغذية هذا السوق بالمواد الإغاثية، ذلك أن الكميات المعروضة تعطي مؤشراً إلى أن الموضوع أكبر من عمليات بيع بسيطة وفردية، والاستنتاج المنطقي لكل ذلك أنَّ "المراوغة" و "الغش" في التوزيع هما صنيعة أيادينا الوطنية بامتياز، ونزع صفة الإنسانية عن المعونات، تم بجهود بعض القائمين على العمل الإغاثي، وثلة من التجار المستفيدين، إذ لم تنفع لصاقات التحذير من تداول المواد تجارياً، من كبح عملية المتاجرة.

مساعدات

 

 

 

 

 


ا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التخفيضات: من حصة الأسر فقط
كما فرضت علينا أزمة الكهرباء، والوقود وغيرها أن نحفظ أرقاماً للطوارئ، ونراجع الجهات المختصة في هذه القضايا بشكل مستمر، فإن الكثيرين ممن لم يعرفوا يوماً أية جمعية، أو منظمة خيرية، أصبحوا اليوم من زوارها اليوميين، إثر واقع فرضه الفقر، والبطالة.
في محافظة حمص تم في العام 2013 إصدار قرار رقم (8) صادر عن رئيس مجلس محافظة حمص آنذاك وينص على تشكيل لجنة مؤقتة مهمتها الوقوف على الآليات والأسس المعتمدة لتوزيع المعونات الإنسانية الواردة للجمعيات الخيرية وبيان وصولها إلى مستحقيها.
حاولت اللجنة آنذاك الوقوف على مشاكل التوزيع، وضمان عدم بيع الحصص الإغاثية، وضبطها، غير أنها لم تفلح كثيراً.
في الوقت ذاته ظهرت محال بيع مواد المعونات الإغاثية، وشملت جميع الأصناف (من سلل غذائية، وصحية، ومواد داعمة، وبطانيات – شوادر) وهذا الأمر ليس خافياً على أحد، فمناظر شوادر المعونة، وقد أصبحت شمسيات، ومطريات لواجهة المحال التجارية بدل أن تكون خيماً للمهجرين أصبحت منظراً معتاداً وقس على ذلك.
في آواخر العام 2017 قررت المنظمات الدولية المانحة تخفيض الحصص المقررة للمسجلين عليها في مدينة حمص، بعد أن أصبحت مدينة خالية من الإرهاب، وبات التوزيع مرهوناً بحالات محددة، باستثناء عامل الفقر.
ولكن الغريب في الأمر أن تخفيض المواد الإغاثية، لم تتبعه قلة في المواد المعروضة تجارياً، بكل أصنافها، والأسعار مازالت تراوح في مكانها، الخلاصة أنَّ: التخفيض شمل الأسر المحتاجة فقط، ولم يقرب حصة سوق التداول نهائياً.

بدائل الأسر المحتاجة
العديد من الأسر التي التقتها "المشهد" أشارت إلى المعاناة في الحصول على المعونة، خاصةً بعد التخفيضات الأخيرة، والبعض الآخر فقد الأمل بعد أن تم شطب اسمه من جدول التوزيع.
تقول "سهير" لم يتم حرماني وأطفالي الأربعة، من المعونة الغذائية، ونحن في أشد الحاجة والعوز، كما أنني لا أعرف سبب حذف اسمي من الجدول دون سابق إنذار، حيث قال لي الموظف المسؤول لا توجد لديك أسباب موجبة للحصول عليها، ولا أعرف جهة ألجأ إليها، فزوجي توفي قبل الحرب بسنوات، ولا نملك دخلاً مادياً، كل تلك الظروف برأيهم غير موجبة".
على المقلب الآخر تحاول عوائل أخرى التحايل على القرارات الجديدة من خلال طرق أبواب مختلف الجمعيات، والمنظمات، وتقديم وثائق بعضها غير حقيقي (ضبوط تهجير، وثائق إقامة، تقارير صحية ...) بهدف الحصول على المعونات بأي شكل.
 تحدث أحد مخاتير الأحياء بحمص لـ "المشهد" عن هذا الموضوع قائلاً:"
سابقاً كان يأتي إلينا أشخاص ومعهم دفتر عائلة، أو هوية شخصية تشير إلى أنهم من محافظة أخرى، وكانت مهمتنا مساعدتهم امتلاك وثيقة تعطيهم الحق في الحصول على المعونة الغذائية، في الوقت الراهن بات الأمر أكثر صعوبة وهناك تشديد على الإجراءات".
يبدو أنَّ: الحديث عن تأمين بدائل لمثل هذه الأسر ليس أمراً تقوم به جمعية أو منظمة مهما كبر حجمها، بل هي استراتيجية حكومية بامتياز يكون فيها الحل على مستوى وزارات، وجهات فاعلة في معالجة أصل المشكلة وليس آثارها فقط.
العدل وليس المساواة
يتحدث "مهند" اسم مستعار وهو أحد العاملين بتوزيع السلل الغذائية على المستفيدين لـ "المشهد" قائلاً:" بالفعل تم في الآونة الأخيرة تخفيض أعداد المستفيدين من المساعدات الإنسانية، وهذه مسألة لسنا سبباً لها، ولا علاقة لنا بهذه القرارات، بل على العكس حاولت الجمعيات الأهلية والخيرية العاملة على الأرض تعديل القرار، لكنها لم تستطع، وبالتالي نحن مضطرون إلى تنفيذ مثل هذه الآلية، وإن تعرض كثيرون للظلم، فصاحب الحاجة أرعن ويعتقد أن مطلبه هو الأكثر أحقية بين مطالب الآخرين، المهم أن نحقق العدل وليس المساواة".
استيراد "الإنسانية" مع المساعدات..
 لا يهتم كثيرون ممن فقدوا أحقيتهم في الحصول على المساعدات الإغاثية، في حال تم ملاحقة من يبيعونها، أم لا، فالأمر بالنسبة إليهم "لا يقدم ولا يؤخر في شيء"، كما أن محاولة منع المحال التجارية بيع هذه المساعدات لا تعتبر حلاً نهائياً للمشكلة، وبحسب رأي معظم من التقت بهم "المشهد" فإن هؤلاء أي "أصحاب المحال" هم حلقة أخيرة في سلسلة فساد أكبر، والأولى هو البحث عمن يساهم في تسريب جزء كبير من المساعدات، وانحرافها عن طريقها الإنساني، لتصب في جيوب المتاجرين بها، وقد نضطر ربما أن نطلب من الجهات المانحة، أن تمنحنهم بعضاً من الإنسانية مع المساعدات، لعلَّها تقفل جيوبهم ولو قليلاً".

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر