أزمة بطعم غاز ومازوت... شتاء سوري قاسٍ أبطاله تجار الحرب.. هل تصدق إجراءات وزارة النفط؟!!

أزمة بطعم غاز ومازوت... شتاء سوري قاسٍ أبطاله تجار الحرب.. هل تصدق إجراءات وزارة النفط؟!!

اللاذقية - أسعد جحجاح
رغم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد ،عادت بوادر أزمة الغاز المنزلي، والمازوت في هذه الفترة من كل عام، للظهور مجدداً بشكل مفاجئ وصاعق أثقل كاهل المواطنين، ونخر عظامهم من شدة البرد، وقسوة الظروف المناخية على وجه الخصوص في محافظة اللاذقية، لتعود هموم المواطن تارة أخرى، لكن هذه المرة كثرت الأسئلة حول سبب هذه الأزمة، بدون تهيئة المواطن، وبدون تحضير مسبق لإعلام جميع المواطنين بوجود نقص أو أزمة في مادة الغاز والمازوت، وسط مطالبات كثيرة بتوزيع الغاز المنزلي بواسطة البطاقة الذكية يتم استخدامها عن طريق مراكز ثابتة موزعة بكل المناطق السورية وليس عبر الشاحنات التي تنقل هذه المادة إلى المراكز الخاصة وذلك منعا للاحتكار أو التلاعب بالأسعار، و لعل تقصير بعض المسؤولين في الأزمة الحاصلة هو السبب، أو ربما سوء التخطيط في وزارات وإدارات الدولة المعنية بتلك المشاكل، فما هو رأي المواطن، وماهي الأسباب الحقيقة الكامنة وراء هذه الأزمة؟ وهل هي "طارئة" والحل متوافر؟، أم هناك أسباباً أخرى؟
 رهينة أزمة
منذ بداية اندلاع الحرب على سورية، وقع المواطن في كمين "أزمة اقتصادية" خانقة جداً بدت معالمها بالظهور على شكل عقوبات دولية وعربية وأسباب أخرى، جعلته رهينة وضع اقتصادي صعب للغاية جراء النقص في بعض الحاجات المعيشية الأساسية للحياة كالغاز والمازوت وانقطاع الكهرباء، ومن جهة أخرى ارتفاع اسعار المواد التموينية بشكل غير مسبوق وبدون ضوابط للسوق، ورغم كل ما كتب أو ظهر على وسائل الإعلام عن ذلك لم يتخذ أي اجراء أو أي حل جذري أو فعّال لتلك المشاكل.

طوابير مفاجئة
قبيل اشتعال فتيل أزمة الغاز المنزلي، اتجه أبو صياح صاحب  أحد المراكز لتوزيع وبيع اسطوانات الغاز بشاحنته الدايهاتسو محملة بأكثر من500 أسطوانة إلى أحد المراكز الرئيسة في اللاذقية، للحصول على اسطوانات معبأة، ومن ثم العودة بها إلى مركزه لكي يتثنى له توزيعها على المواطنين، غير أنه فوجئ بوجود مئات الشاحنات الأخرى تصطف في طوابير طويلة كي تحصل على الغاز، وبعد الوقوف على الطابور قال صاحب المركز الرئيسي لتوزيع الغاز :" على غير العادة طلب مني أن أضع الاسطوانات الفارغة لكي يتم تسجيل عددها، ومن ثم نعود نحن  الوكلاء المعتمدون بعد أسبوعين لاستلام اسطوانات غاز مليئة"، وهذا ما أثار استغرابنا ، حيث لم يتم إخبارنا في مرحلة لاحقة لكي نُخبر المواطنين باقتراب نفاذ الغاز لمدة محدودة مثلاً، من هنا بدأت أزمة فقدان الغاز المنزلي تتأجج في محافظة اللاذقية والمحافظات الأخرى.

وانتقالاً إلى أزمة فقدان المازوت فمن الطبيعي أن يخف الطلب على مادة المازوت بعد رحيل فصل الشتاء، لكن نقص تلك المادة فجأة في هذا الفصل البارد والقاسي يؤثر على وسائل النقل من شاحنات وغيرها، وحتى على المعامل والمنشآت الصناعية، يقول "باسل حسون" سائق شاحنة بأنَّ نقص مادة المازوت يأتي دائماً بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، مؤكداً أنه اتجه في أحد الأيام إلى إحدى محطات الوقود الرئيسة لتعبئة شاحنته بالمازوت وسارت الأمور بشكل طبيعي ولم يكن هناك ازدحام، وفي اليوم التالي تفاجئ بطوابير طويلة من الشاحنات والسرافيس التي تقف لساعات في انتظار أن تملأ خزاناتها.
وهنا يلقي المواطن "حسن اللوم" على محطات الوقود التي توزع المازوت، والتي تبرر بأنَّ الجهات المعنية هي المسؤولة، وبكافة الأحوال التقصير الأساسي هو في يد الجهات المسؤولة من ناحية تهيئة المواطن باقتراب حصول "أزمة" في بعض المواد، ليتجنب المفاجآت "المحزنة".

 تفسير واضح
يتساءل الجميع عن السر الذي يجمع هروب الغاز والمازوت من المحطات والمراكز بشكل مفاجئ دائماً، والسؤال هنا لماذا لا يتم الإفصاح عن السبب الرئيسي لذلك؟
يقول أبو صفاء (موظف متقاعد) لل\ئـ(المشهد) وهو أحد قاطني منطقة بسنادا في اللاذقية بأن المواطن لم يعد يحتمل "الأزمة المفاجئة" لفقدان أي منتج استهلاكي ضروري، بدون أن يتم تهيئة المواطن لذلك قبل فترة زمنية، وأن يكون المسؤول صريحاً ويقول الحقيقة، فإذا فقد الغاز والمازوت في وقت سابق وحلت المشكلة، لماذا لا يقال بشكل صريح وواضح بأنَّ الحل "مؤقت" ولاحقاً سنتعرض لمشكلة مشابهة؟ أم ذلك يعتبر انتقاصاً من هيبة ذلك المسؤول الذي من المفروض أن يعمل بالأساس لخدمة المواطن؟، أما "عمار سليمان" "موظف" يرى بأنَّ السر وراء فقدان مادتي الغاز، والمازوت بحاجة إلى تفسير واضح من الحكومة والمسؤولين، فمن غير الطبيعي أن يُصدم المواطن بغياب مواد أساسية دون توجيهات مسبقة.

تجار الحرب الأثرياء
يرى العديد من المواطنين بأنَّ هناك شيء غير مفهوم أو ربما "مقصود" من وراء الغياب المفاجئ لمادتي الغاز والمازوت، وتقول سامية "طالبة جامعية" بأنَّ ذلك ربما يكون مقصود من البعض ممن لا يريدون للأزمة أن تنتهي، وذلك برأيها سببه الفساد المستشري في مؤسسات الحكومية، والتقاء ذلك الفساد مع من يريد للمواطن أن يتذمر ويحقن وأولئك هم الأعداء الحقيقيون للشعب السوري والوطن، وهم يشعلون الأزمة من كل النواحي ويجب القضاء على ظاهرة "تجار الحرب الأثرياء " بشكل سريع وواضح وفعال من قبل مسؤولي الحكومة؟

توافق سهام "موظفة قطاع خاص" سامية بالرأي وتقول بأنه من غير المنطقي وليس قابلاً للتصديق بأن بلدنا تعاني من نقص لهذه المواد، والموضوع سببه التقصير الواضح من المعنيين وسوء الإدارة في توزيع المواد من قبل الوكلاء المعتمدين أو المراكز الأساسية التابعة للحكومة، والسبب الأهم هو الاحتكار الموجود من قبل البعض لتحريك عصاهم الغليظة على المواطن من خلال السوق السوداء، والذي يساهم بشكل كبير في نقص الغاز والمازوت ومواد أخرى.
المواطن على حق
المحامي "راني الحامد" أوضح لـ"المشهد" أنَّ التقصير موجود من الحكومة الحالية فهي من وجهة نظره عاجزة عن حل العديد من جوانب الأزمة التي يعيشها المواطن، والتي سببها للأسف مخطط منظم لافتعال الازمة من قبل بعض الفاسدين وتجار الأزمات(أثرياء الحرب)، مؤكداً أن العقوبات الدولية ساهمت بشكل كبير بزيادة حجم الأزمة من كل النواحي، وهنا كشف مجلس الوزراء برئاسة المهندس عماد خميس خلال اجتماع له مع الوزراء المعنيين عن "خطة بديلة" لتأمين كميات كافية من المشتقات النفطية عن طريق إبرام عقود جديدة تضاف إلى الكميات التي وصلت خلال الأيام الماضية والعقود الموقعة مسبقا بهدف تعزيز المخزون كما تم وضع تصور مستقبلي لزيادة الكميات وتخزينها لمنع أي تناقص مستقبلا ولمنع لمعالجة النقص الحاصل في المشتقات النفطية الذي ظهر خلال الفترة الأخيرة نتيجة تشديد العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب والقسرية من قبل الدول الغربية على سورية ما أدى إلى انخفاض كبير بكمية التوريدات النفطية وتأخر وصول العقود المبرمة في هذا المجال، وطمأن مجلس الوزراء كافة المواطنين أن أزمة المشتقات النفطية في طريقها إلى الانحسار وعملية توزيعها مستمرة وسيتم تعزيز الكميات خلال الأيام القادمة إضافة إلى الإجراءات المتخذة لرفع الإنتاج اليومي من أسطوانات الغاز إلى 130 ألف أسطوانة موضحا أن المواطن دائما على حق في مطالبه وخلال الأيام القادمة سيلحظ جميع المواطنين أثر الإجراءات المتخذة على أرض الواقع.

حصار وفساد

ويرى خبراء الاقتصاد بأن أزمة الغاز والمازوت ربما تكون "مقصودة" أو بالأحرى ناتجة عن سوء تخطيط إداري من الجهات المعنية، بسب الفساد في بعض الجوانب، وسوء الإدارة هذا يزيد من المشكلات ويكررها، فمثلاً كان المواطن في الفترة السابقة يعلم بأن هناك أسباب "واضحة" لنقص تلك المواد، كتفجير أنابيب النفط والغاز في بعض المناطق التي تعاني من التوترات والفوضى ووجود مجموعات إرهابية مسلحة في كل من حمص وإدلب مثلاً، وبسبب تفجير السكك الحديدية التي تنقل هذه المواد، لكن استقرار الأوضاع الأمنية اليوم ساهم بشكل كبير حجب التبريرات لدى القائمين على توفير الغاز المنزلي والمازوت للمواطنين، في المقابل ليس كل الحق على المؤسسات الحكومية  فشيء من اللوم أيضاً يقع على عاتق المواطنين نتيجة سوء التصرف وذلك من عدة نواحٍ، يقول علي ممدوح بأنه من الطبيعي أن يكون هناك أزمة ليس فقط فيما يخص المحروقات، فالأزمة موجودة  في الكهرباء والمواصلات والأكل والشرب، فنحن نعيش حالة حرب وهناك حالة حصار اقتصادي ولا يدخل شيء إلى الأراضي السورية إلا بصعوبة مضيفاً :" البلد يعيش حالة حرب حقيقة، طبعا إذا حلّلنا الوضع بشكل موضوعي بغض النظر عن تجار الأزمات والفاسدين، أي أن المواطن يجيب عليه أن يقدر تماماً حجم العقوبات المفروضة على سوريا مع ضرورة المساعدة في تخفيف تشغيل الواسطات والمحسوبيات لكل يحصل شخص ما مثلاً على 10اسطوانات غاز لبيعها في السوق السوداء بالتأكيد هذا ما يزيد الطين بلة.

عقود وانفراجات

إجراءات كثيرة بدأت بها وزارة النفط والثروة المعدنية لتعزيز إنتاج الغاز المنزلي محليا في معمل (التوينان) بطاقة تصل إلى ( 175) طن يومياً حيث تأتي هذه الإجراءات لتلبية الطلبات على المادة بكميات كافية على مدار العام  جاء ذلك على لسان وزير النفط المهندس علي غانم خلال اجتماع وزاري انعقد مؤخراً على خلفية الأزمة الحاصلة في قطاع المحروقات وخصوصاً أزمة الغاز المنزلي حيث أكد الوزير غانم أنه تم بحث الصعوبات التي واجهت تنفيذ العقود المبرمة لتوريد مادة الغاز الطبيعي نتيجة الحصار الاقتصادي والإجراءات التي تم اتخاذها لتفادي هذه المشكلة من خلال إبرام عقود جديدة بدلا من العقود المتعثرة التي قاربت /43/ ألف طن من الغاز المنزلي ما يعادل /43/ يوم عمل وإنتاج، وزيادة الإنتاج المحلي من معامل وزارة النفط الغازية والمصافي والتي قاربت حوالي 50% لافتاً إلى أن التخطيط خلال المرحة القادمة هو زيادة الإنتاج إلى 70% مع إدخال وحدة الإنتاج الغاز المنزلي في معمل (التوينان) في الخدمة خلال الشهر الثالث بطاقة إنتاجية /175/ طن يوميا ، مشيرا إلى أنه بعد عودة التوريدات تم توجيه الوحدات الغازية في شركة المحروقات لإنتاج /130/ ألف اسطوانة في اليوم وطرحها في السوق المحلي في كافة المحافظات السورية.
خريطة وبطاقة

وكانت لجنة المحروقات في محافظة اللاذقية ناقشت بحضور  محافظ اللاذقية خضر السالم عدة مقترحات كاعتماد البطاقة الذكية العائلية للحصول على مادة الغاز المنزلي بشكل يضمن لكل اسرة في المحافظة الحصول على اسطوانة غاز كل 15-20 يوما ويمنع استغلال الناقلين والمرخصين عملية التوزيع، ودعا المحافظ السالم إلى وضع خريطة لتوزيع الغاز على مستوى المحافظة تأخذ بعين الاعتبار القرى التي لا يوجد بها معتمدين لتوزيع المادة والاعتماد على نقل المادة بسيارات القطاع العام بشكل مأجور منعا لحالات الاتجار غير المشروع مع الإشارة الى أهمية تحمل مختلف الجهات مسؤولياتها لإيجاد حلول تسمح في سهولة الحصول على المادة وفقا للدور والحد من حالات الاتجار بها وبين السالم ضرورة التوسع في إقامة مراكز لتوزيع الغاز تتبع للجهات العامة لتكون ملاذا يمكن الاعتماد عليها في حال حدوث اختناقات والبحث عن حلول نوعية في عملية التوزيع والاستفادة من الجمعيات الفلاحية لتكون معتمدة في توزيع الغاز بالقرى التي لا يوجد بها معتمدين تسهيلا لحصول قاطنيها على المادة.

 

 

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر