آغا خان الثالث.. فارس فيكتوري سكن ضفاف النيل

القاهرة - أسماء الأمين

يرجع تاريخ الآغاخانية إلى القرن التاسع عشر عندما منح الملك الفارسي فتح علي شاه لقب "آغا خان" إلى الإمام "حسن علي شاه" الامام السادس والأربعين للطائفة الإسماعيلية النزارية الذي كان حاكماً لإقليم كرمان آنذاك قبل انتقاله للإقامة في الهند البريطانية، وتوارث هذا اللقب الذي يعني النبيل ابنه وحفيده من بعده وصولاً إلى كريم شاه الآغا خان الرابع في الوقت الراهن.

يعتبر آغا خان الثالث "السلطان محمد شاه" الإمام الثامن والأربعين أهم الشخصيات المؤثرة في عائلة آغا خان تاريخياً والأطول حكماً حيث تسلم الإمامة في السابعة من عمره ولمدة 72 عاماً، تطور في عهده دور العائلة الآغاخانية وأضاف لها بعداً ووجوداً سياسياً واقتصادياً بجانب تأثيرها دينياً وله مكانة مميزة في التاريخ لا يعرفها الكثيرين، وقد تقلد فارس الوسام الفيكتوري الملكي وحصل على عدة أوسمة كما تم تكريمه دولياًمن السلطان العثماني وشاه إيران والامبراطور الألماني وغيرهم من ملوك وحكام العالم

ولد «أغاخان» في كراتشي عام 1877، وتطورت خلال إمامته الأوضاع الدينية والاجتماعية والاقتصادية للطائفة الإسماعيلية النزارية مطلع القرن العشرين في أماكن انتشارهم جنوب آسيا وشرق أفريقيا وبعض دول أوروبا، وقد أسس ورأس عصبة مسلمي الهند عام 1906 وهو حزب سياسي ديني يدعو لدولة إسلامية مستقلة وكان نواة لتأسيس دولة باكستان الإسلامية شمال غرب الهند لاحقاً عام 1947.

كان للآغا خان الثالث نفوذاً دولياً واسعاً ليس فقط لصفته الدينية ولكن كونه سياسياً ودبلوماسياً رفيع الطراز، أعلن خلال الحرب العالمية الأولى تأييده لقوات الحلفاء وكان ممثلاً للراج البريطاني (الهند البريطانية)  في الجمعية العامة لعصبة الأمم التي تم إنشاءها عقب تلك الحرب العظمى، كما تولى منصب رئاسة عصبة الأمم من عام 1937 حتى 1938، وخلال الحرب العالمية الثانية قرر الانسحاب من الحياة السياسية وانتقل للإقامة في سويسرا.

التقي آغا خان صدفة عام 1938 بالفرنسية ايفيت لابدوس ملكة جمال فرنسا في احدى الحفلات الملكية في مصر، والتي أصبحت زوجته الرابعة بعد اشهار اسلامها ولقبت بالبيجوم أم حبيبة وعاش معها قصة حب عظيمة وصحبته في معظم رحلاته حول العالم.

عام 1954حط رحال آغا خان والبيجوم وبعض اتباعه في أسوان عملاً بنصيحة صديق بالذهاب إلي أسوان والاستفادة من شتائها الدافئ للتخفيف من آلام الروماتيزم التي يعانيها، وبالفعل تحسنت حالته في أسوان فقرر إقامة قصر لهما يطل على النيل اطلق عليه اسم "ياكيمور" بمعنى ايفيت المحبوبة، وصممه ونفذه مهندس العمارة الإسلامية فريد شافعي وجعله تحفة معمارية تليق بالمحبوبين.

قبل وفاته بعدة شهور طلب أغاخان الثالث بناء مقبرة له على طراز المقابر الفاطمية المتواجدة في أسوان أيضاً، فوق ربوة الجبل الذهبي بالبر الغربي للنيل ومطلة على فندق «كتراكت» التاريخي، وقد شٌيدت المقبرة من الخارج من الحجر الجيري الوردي بينما من الداخل من الرخام المرمري الأبيض.

ظلت البيجوم أم حبيبة وفية لزوجها وتضع وردة حمراء في كأس فضية صباح كل يوم على مقبرته، وكانت تأتي من فرنسا مرة كل عام لتغير الوردة بيدها مستخدمة مركب بشراع أصفر خلافاً للأشرعة البيضاء للمراكب الشراعية في أسوان، لتعلن مجيئها للأهالي حباً ووفاءاً بعهد الهوى، حتى وافتها المنية عن عمر ناهز 90 عاماً ودفنت بجوار آغا خان الثالث.

وأصبحت مقبرة آغا خان الثالث أحد المزارات الشهيرة في مدينة أسوان خاصة للمنتسبين للطائفة الإسماعيلية، ويحرص السياح على زيارتها بالمراكب الشراعية التي تضفي على رحلة الوصول للمزار بعداً أسطورياً.

هذا وتدرس وزارة الآثار المصرية حالياً مشروعاً للصوت والضوء يتناول حياة الآغاخان وقصة عشقه للبيجوم في ظل مشروع أكبر لتطوير المقبرة الآغاخانية، جديراً بالذكر أنه يوجد مؤسسة تحمل اسم أم حبيبة أنشئت عام 1991 بتمويل من مؤسسة آغا خان وبالتعاون مع الشئون العالمية في كندا، تعمل علي تنمية المجتمع المدني في محافظة أسوان.