يوم الصناديق الإنكليزي !!

يوم الصناديق الإنكليزي !!

كرم هيثم مخلوف

في الوقت الذي تتوقف فيه الدوريات الأوروبية بسبب عطلة الميلاد و رأس السنة و تكون المدرجات خاويةً على عروشها، وحين يكون معظم نجوم كرة القدم مشغولون بالاحتفال مع عائلاتهم في كل بقاع العالم، تمتلئ ملاعب الكرة الإنكليزية بالجمهور عن بكرة أبيها و ينشغل نجومها بالتركيز على الجولة  التي تعرف بـإسم (  البوكسينغ داي ) ليكون احتفال الجماهير و اللاعبين على حد سواء في عطلة الأعياد احتفالاً رياضياً خالصاً.

ما هو البوكسينغ داي وما سبب التسمية:
 يعتبر البوكسينغ داي من التقاليد الإنكليزية العريقة، و هو الجولة التي يشتهر بها الدوري الإنكليزي الممتاز دون بقية الدوريات الأوروبية. و تلعب في اليوم التالي لعيد الميلاد أي في السادس و العشرين من كانون الأول من كل عام،  حيث تقام كل مباريات الدوري العشرة في يوم واحد!!
 ولا تأخذ فيه المباريات الشكل الطبيعي لجدول الدوري المعد سلفاً، حيث تحرص رابطة الأندية و الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم على جعل المباريات في هذه الجولة تحديداً بين أندية من نفس المدينة حتى لا تضطر الجماهير للسفر لمسافات بعيدة لمساندة أنديتها ..    
و البوكسينغ داي يعني يوم الصناديق، و هذه التسمية مأخوذة من كلمة Box بالإنكليزية، وفي ذلك كناية واضحة إلى صناديق الهدايا التي يتبادلها الناس فيما بينهم في أعياد الميلاد، و الفكرة من هذا اليوم المكتظ بالمباريات تهدف إلى جعله هدية مميزة للجماهير الإنكليزية في عيد الميلاد. فما أن تنتهي الاحتفالات بالعيد حتى تبدأ حشود الجماهير بالتدفق إلى الملاعب و المقاهي للاحتفال مجدداً إنما بطريقة رياضية هذه المرة. ليكون هذا اليوم بمثابة فرصة مميزة لإحياء عطلة الأعياد بطريقة مثالية و خاصةً بأن معظم المرافق و المحلات التجارية في إنكلترا تكون مغلقة في هذه الفترة من السنة لتصبح كرة القدم المتنفس شبه الوحيد للشعب الإنكليزي.

البوكسينغ داي تاريخياً :
يعود هذا التقليد إلى ما قبل بداية الدوري الإنكليزي الذي بدأ في عام 1888، وتحديداً في عام 1860 حيث أقيمت مباراة بين ناديين من أعرق أندية العالم، و هما ( شيفيلد يونايتد و هالام ) و من المحتمل أن لا تكون قد سمعت بهما من قبل ولكن هذا لا ينفي عراقتهما بطبيعة الحال.
و أقيمت المباراة حينها بقوانين غريبة للغاية و هي قوانين نادي شيفيلد يونايتد، حيث كان يحق للاعبي شيفيلد بأن يلمسوا الكرة بأيديهم في الهواء !!
ولطالما كانت مباريات البوكسينغ داي عبر التاريخ حافلةً بالنتائج و الأرقام المميزة و التي لا يمكن أن تنتسى مع مرور الزمن. ففي موسم 1963- 1964 شهدت جولة البوكسينغ داي تسجيل 66 هدف !!
و شهد البوكسينغ داي تسجيل فوز نادي فولهام على نادي إيبسويتش تاون بنتيجة 10 / 1
و كذلك خسارة مانشستر يونايتد المذلة من نادي بيرنلي بنتيجة 6 / 1
و تعد أغنية ( بوكسينغ داي المذبحة ) هي الأغنية المفضلة لأنصار نادي شيفيلد وينزداي حين تغلب فريقهم على غريمه التقليدي شيفيلد يونايتد برباعية نظيفة عام 1979.

البوكسينغ داي ما بين استمتاع الجماهير و إرهاق الأندية:
في حين يكتسب هذا التقليد أهمية كبيرة للجماهير و لمشجعي الكرة الإنكليزية حول العالم، كما أعرب اللاعب السابق لنادي آرسنال ( توماس روزيسكي ) معتبراً بأن هذا اليوم هو يوم مميز بالنسبة لعشاق كرة القدم، حيث أن العالم بأسره يشاهد مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز.
نجد بأن هناك الكثير من الأصوات سواء من اللاعبين أو المدربين تنتقد هذا التقليد و تطالب بإنهائه تماماً.
فاللاعبون يعترضون على حرمانهم من التواجد مع عائلاتهم في فترة الأعياد، أما المدربون فيخشون على نجومهم من الإرهاق الذي تسببه كثرة المباريات في هذه الفترة من السنة حيث يتحتم على الأندية خوض ستة مواجهات خلال فترة عشرين يوم تقريباً، في حين تخلد كل أندية أوروبا إلى الراحة ويستمتع لاعبوها بالعطلة الشتوية.

ولعل من أبرز التصريحات المتعلقة بهذا الشأن، تصريح مدرب مانشستر يونايتد الأسبق، الهولندي لويس فان غال حين قال  بأن عدم وجود عطلة شتوية هو ليس بالأمر الجيد للكرة الإنكليزية كأندية و كمنتخب طارحاً حينها سؤاله الشهير :
" كم مضى من الوقت على اللقب الدولي الأخير لإنكلترا " !؟
مذكراً الإنكليز بلقبهم الأخير و الوحيد على مستوى المنتخبات الوطنية، حين حققوا بطولة كأس العالم 1966 و التي أقيمت على أرضهم حينذاك !!
مستنداً في كلامه هذا على حقيقة الإرهاق و التعب الشديدين الذين يصلهما نجوم الكرة الإنكليزية مع نهاية كل موسم كروي.
فكما هو معلوم فإن الغالبية العظمى من نجوم الكرة الإنكليزية يلعبون حصراً في البريميير لييغ ، و من النادر جداً أن تجد نجوم انكليز محترفين خارج أندية إنكلترا.

و أمام هذا التقليد العريق الذي يعجب البعض و وفي مقدمتهم الجمهور العاشق لكرة القدم حول العالم، و الذي لا يعجب الكثير من الأندية الإنكليزية و خصوصاً الكبيرة منها و التي تعاني حقيقةً من ازدحام في روزنامتها الكروية الأمر الذي يؤدي إلى الإرهاق و التعب و بالتالي لزيادة الفرصة في تعرض نجومها لخطر الإصابات والحرمان من خدماتهم في المباريات الحاسمة من عمر الدوري، و في البطولات الأوروبية و على رأسها بطولة دوري أبطال أوروبا، اتخذت رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز مؤخراً قراراً تاريخياً بالموافقة على اعتماد فترة استراحة شتوية و إن كانت أقصر من مثيلاتها في الدوريات الأوروبية الأخرى، حيث ستقتصر على أسبوع واحد فقط في شهر شباط و ذلك اعتباراً من الموسم القادم 2019 – 2020
الأمر الذي يعطي لأندية البريميير لييغ فرصة بسيطة لالتقاط الأنفاس قبل العودة لغمار المنافسة على واحدة من أقوى الدوريات و أمتعها على الإطلاق.

 

 


 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر