النظام العقاري في سوريا و تداعيات الحرب

النظام العقاري في سوريا و تداعيات الحرب

الأستاذ أمين سعود

سوريا التي تعرضت لكل أنواع الظلم من المجتمع الدولي والعربي وبقيت صامدة في وجه هذه الهجمة الشرسة من غالبية دول العالم و بدون حق   لإضعاف هذا البلد و إرجاعه لقرون خلت ومع ذلك وعلى هوله, بقيت غالبية مؤسساتها تعمل بوتيرة مكافحة بما في ذلك المؤسسة القضائية و فروعها التي تعرضت  أيضاً إلى كل أشكال التدمير و النهب والإرهاب المبرمج.

هذه المؤسسة التي كانت قد قطعت شوطا بعيدا في المجال القانوني عبر النهضة  القانونية التي شهدتها سوريا قبل الحرب والتي  شملت تحديث القوانين بكافة أقسامها العامة و الخاصة وبالأخص العقارية سواء بأعمال التحديد و التحرير والإفراز و التجميل وإزالة الشيوع و التخلص من آثار المنظومة العقارية السابقة و هذا ما كان صلب عملي .

إن القطر العربي السوري اخذ بنظام التسجيل العيني و مارسه منذ عام 1925 تشريعا و فقها وتطبيقا وقد جرت على قوانين التحديد و التحرير و السجل العقاري تعديلات اقتضتها تجارب التطبيق والتلاؤم مع التطور التشريعي العالمي .
ونظراً لأن تطبيق نظام التسجيل العيني يحتاج إلى نفقات كبيرة  ومسح فني و خرائط لكل عقار  فقد تعسر تطبيق هذا النظام و كانت حصيلة تطبيقه  محدودة حتى عام 1970  حيث جرت الأعمال بوتيرة عالية بعد استصدار  قوانين جديدة سهلت العمل .
 وبذلك أصبحت التجربة السورية مرجعا لكثير من الدول العربية عند وضع قوانينها العقارية بإرسال قضاتها  للتدريب والاطلاع على هذه التجربة الرائدة بالتعاون مع وزارة العدل السورية ومنهم أربعون قاضياً جزائرياً أشرفت على تدريبهم شخصياً ,كما أن القانون العربي  الموحد للتسجيل العقاري والذي أقره مجلس وزراء العدل العرب بدورته  العاشرة  في القاهرة عام 1994و الذي يحمل الرقم (188/10د ) وكان لي شرف ترأس اللجنة العربية المنظمة له ووضع لائحته التنظيمية وجاء هذا القانون حصيلة للتجربة السورية في ميدان تنظيم  العقار.

ان سوريا ورغم كل ما تخبطت فيها المآسي و الآلام لم تتوانى يوماً عن العمل التشريعي والفقهي وتحديث العديد من القوانين  ولو بصورة اسعافية بإحداث قوانين و محاكم  الارهاب والجرائم الالكترونية, وإنشاء المحاكم المصرفية والتجارية وغيرها ومشروع اتمتة العمل القضائي .
ومع هذه البنية الصلبة للنظام العقاري سيكون من السهل إعادة الامور الى ما كانت عليه قبل الحرب وبصورة افضل وذلك بتعديل القوانين العقارية بما يتناسب مع الاوضاع الجديدة .

ومن اجل عدالة افضل و قضاء محصن علما و سلوكا اتمنى اعطاء الاهمية القصوى للمعهد القضائي الموكل اليه هذه الامور . وتعديل القوانين المتعلقة باختيار القاضي وتأمين الحقوق و الواجبات له و عليه لان العدالة لا تتحقق الا بقانون عادل.
العدالة ثقافة مجتمع وليست تخصصاً فالفرد يشكل شريكاً في تحقيقها ووعيه القانوني قادر أن يجنبه كونه ظالماً أو مظلوماً فالمؤسسات وحدها لا تكفي لدفع ظلم عن مجتمع بأسره إذا لم يرد هو ذلك .

وهنا يكمن دور الإعلام الحق في التوعية المجتمعية  ومحو الأمية القانونية ورفع السوية الفكرية وهذا ما نأمله من هذه المجلة  الكريمة فالإعلام أقرب للمواطن بطرح الأفكار بشكل أسلس بعيداً عن التعقيد الأكاديمي.
وان الشعب السوري الذي اثبت انه شعب حضاري مقاوم لكل أنواع الظلم تاريخياً مهما بلغت شدته و شموليته سيستمر في بناء دولته للوصول بها إلى مجتمع العدالة و المساواة و حقوق الإنسان  والبقاء على عزة هذا الوطن و كرامته وحريته و لنا في تاريخ امتنا المثل و القدوة .
 نحو مجتمع اقل ظلما وأكثر عدالة.

والله ولي التوفيق

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر